Monday, February 17, 2014

مقالات من الصحف ا لعبرية

القضاء على دولة اسرائيل 17-2-2014

القضاء على دولة اسرائيل

بقلم: جدعون ليفي

هآرتس –16/2/2014

إن الدعوة المثيرة للقشعريرة في العنوان ما زالت تُسمع فقط في دولتين تقريبا هما ايران واسرائيل. فهي في الاولى ترتفع في المسيرات الجماعية وسيلة حقيرة للتحريض؛ وهي في الثانية منسوبة الى نصف عالم وسيلة خاسرة للتخويف. فلندع ايران حيث يدعون في مسيراتها ايضا الى القضاء على الولايات المتحدة وقد تغيرت لغة ساستها. إن الحديث في اسرائيل عن خوف وجودي مغروس عميقا وعن حملة تخويف وتحريض تزيد في تأجيجه: فكل زعيم يميني تقريبا يستخدم الخوف والتخويف من "الابادة" استخداما هزليا لحاجاته. وهم في ايران وفي اسرائيل يعلمون أن الحديث عن تخويف باطل وتهديد فارغ.

وفيما بقي من العالم لا يتحدث أحد عن الابادة، فهم ينتقدون اسرائيل وهم احيانا يُغرون بها اغراءً يزيد على ما تستحقه؛ فهم يدعون الى مقاطعتها والى نبذها ويناضلون احتلالها ويدعون الى تغيير نظام حكمها أو صبغتها أو طبيعتها، لكن لا يتحدث أحد عن القضاء عليها، بجدية.

لا يخطر ببال برلماني اوروبي تجرأ على أن يثير سؤالا صعبا عن ازمة الماء عند الفلسطينيين في المناطق، لا يخطر بباله القضاء عليها، بالطبع. والمثقفون الذين يدعون الى مقاطعتها لا يفكرون بالقضاء عليها. ورجال الاعمال الذين يقطعون علاقاتهم الاقتصادية بشركات اسرائيلية لها صلة بالاحتلال لا يفكرون في القضاء عليها. ولا يقصد نشطاء يساريون ونشطاء سلام وحقوق انسان والقائمون بحركة المقاطعة الـ بي.دي.إس والمفكرون وكُتاب الاعمدة الصحفية وفيهم أكثر منتقديها تطرفا، لا يقصدون القضاء عليها. وقد سلم كل زعماء الدول العربية تقريبا منذ زمن بوجودها بل إن أكثر الفلسطينيين يعلمون أن حلم إلقائها في البحر إن كان وجد في يوم ما، لن يتحقق أبدا. فلا يفكر أحد في ذلك ما عدا عددا من معادي السامية الهاذين الهامشيين. لكننا مستمرون في غيّنا نقول حذارِ من الابادة.

تزعم قوة كبيرة اقليمية مسلحة بصورة جيدة لا يكاد يوجد سلاح لا يوجد في ترسانتها، وهي قوية من جهة اقتصادية وعلمية ويعترف بها أكثر دول العالم وهي عضو في كل المنظمات الدولية المهمة تقريبا وهي ذات تأثير دولي لا يناسب حجمها، وهي حليفة للقوة العظمى في العالم، تزعم أن وجودها في خطر. لا يوجد لا خطر ولا حذاء. إن النضال الدولي الحالي هو على صبغتها وعدالتها. فكما لم يفكر أحد بالقضاء على جنوب افريقيا بل في تغيير نظام حكمها، ولم يفكر بالقضاء على الاتحاد السوفييتي أو ايران أو كوريا الشمالية، لا يفكر أحد كذلك في القضاء على اسرائيل، حتى إن اولئك الذين يدعون الى انشاء دولة ذات شعبين علمانية ديمقراطية لا يتحدثون عن القضاء عليها بل عن تغيير طبيعة الدولة فقط.

إن الابادة اختراع اسرائيلي يخدم أهداف اسرائيل. فالاسرائيليون يستطيعون بهذا السلاح أن يعودوا الى المكان الذي يشعرون فيه الشعور الأفضل وهو أن يكونوا في دور الضحية. لأنه اذا كان العالم يريد القضاء علينا فاننا اذا عادلون دائما. ولأنه ماذا ينبغي أن يُقال في دولة في خطر الابادة؟ ألا يجوز لها أن تفعل كل شيء لانقاذ نفسها؟ وماذا ينبغي أن يُقال في العالم الذي يهب للقضاء عليها؟ أنه خطير وغير عادل. لكن ذلك العالم نفسه احتضن اسرائيل بعد التوقيع على اتفاقات اوسلو وفيه بعض العالم العربي. فماذا حدث آنذاك لخطة الابادة؟.

يوجد بين يدي ذلك بالطبع ذكر المحرقة التي تُستغل جيدا ايضا. فـ "القضاء على اسرائيل" يُذكر بغرف الغاز ومعسكرات الابادة. ويُذكر ايضا بما سمعته شولاميت الوني ذات يوم من غولدا مئير وهو أنه يجوز لليهود فعل كل شيء بعد المحرقة. فاذا قال العالم ابادة فان اسرائيل تستطيع أن تقول احتلال وسلب وتصفية، لكن العالم لا يقول ابادة واسرائيل لا تستطيع أن تقول احتلال وسلب وتصفية.

إن الحديث مرة اخرى عن عدم صلة بالواقع. والاسرائيليون الذين يسألون أنفسهم في خوف هل ستوجد دولتهم بعد عشرين سنة ويحلمون بالحصول على جواز سفر ثان يجب أن يثيروا سؤالا آخر مصيريا ايضا وهو: أي صبغة ستكون لدولتهم وأكثر الاخطار التي تترصدها داخليا؟ لكن القليلين فقط يشغلون أنفسهم بذلك فنحن مشغولون بالوجود لا بالقيم.

حذارِ من الخطر: خطر الابادة المتوهمة.

أجل لن¬ يوقع أبو مازن

بقلم: عكيفا الدار

هآرتس –16/2/2014

يزعم شلومو افنيري في مقالته في صحيفة "هآرتس" في 10/2 تحت عنوان "لن يوقع" أن رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت مصاب بقدر كبير من الوقاحة و/ أو الاستهانة بذكاء الجمهور، لأنه يزعم أن ما لم ينجح في احرازه في عشرات اللقاءات التي أجراها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس يمكن احرازه في المستقبل. ويعترف افنيري بأن لاولمرت تجربة كبيرة بالمفاوضات وبرغم ذلك لم تساعد التجربة الزائدة التي كانت لمن كان رئيس الوزراء في مواجهة دهاء أبو مازن. فلم ينجح اولمرت في أن يلاحظ أن كل هدف غير الشريك الفلسطيني، كما يقول افنيري، ليس سوى أن يستخلص من اسرائيل تنازلات اخرى كي يضطر حكوماتها التالية الى بدء المحادثات من المكان الذي وقفت عنده، "مع شمل التنازلات الاسرائيلية التي ليس لها مواز في الجانب الفلسطيني".

ليت حكومة نتنياهو اضطرت الى بدء المحادثات من المكان الذي أنهاها اولمرت عنده. من المؤسف كثيرا أن الوسيط الامريكي متمسك بقاعدة أقرها اهود باراك في محادثات كامب ديفيد وهي "لا شيء متفق عليه الى أن يتم الاتفاق على كل شيء". فبنيامين نتنياهو فضلا عن أنه لم يضطر الى بدء التفاوض من المكان الذي وقف عنده اولمرت وضع أمام أبو مازن مطالب جديدة وفي مقدمتها الاعتراف بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي. ولم يُشمل طلب السيادة الاسرائيلية الطويلة في غور الاردن هو ايضا في العرض الذي وضعه اولمرت أمام أبو مازن. وبرغم أن فكرة تبادل الاراضي ظهرت في سنة 2000 في مخطط كلينتون، كان المندوب الوحيد لحكومة نتنياهو الذي أثارها هو وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بشرط أن يصاحبها سلب عرب اسرائيليين جنسيتهم.

بل إن نتنياهو لم "يضطر" الى احترام التزامات حكومة شارون (التي كان يتولى منصبا فيها) في اطار خريطة الطريق في 2003 وهو الالتزام بتجميد البناء في المستوطنات كليا (حتى لاجل الزيادة الطبيعية) واخلاء البؤر الاستيطانية التي أنشئت منذ آذار 2001 (وهي مادة لم تشتمل عليها التحفظات الاسرائيلية الـ 14). وبرغم أن عدد المستوطنين زاد منذ ذلك الحين من 200 ألف الى أكثر من 350 ألفا فان "الشريك في ابتزاز تنازلات من اسرائيل" متمسك بالمسيرة السياسية ويرفض بشدة التخلي عن احتمال التسوية.

يتجاهل افنيري أن أكبر تنازل فلسطيني تاريخي تم مع اعلان استقلال م.ت.ف في 1988. فقد تبنوا قرار مجلس الامن 242 الذي يتناول حدود 1967 وتخلوا بذلك عن 78 بالمئة من مساحة فلسطين الانتدابية. وتم التنازل الثاني في 2002 مع تبني مبادرة السلام العربية التي تعرض تسوية عادلة متفقا عليها (مع اسرائيل) لمشكلة اللاجئين على أساس قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة 194 (يقول خبراء بالقانون حللوا هذا القرار إنه لا يمنح حق العودة نفاذا). وأعلن أبو مازن أنه يتخلى عن حقه في العودة الى بيته في صفد بل وافق على وجود طويل لقوة دولية في فلسطين. فأي "تنازلات موازية" اخرى يتوقع افنيري منه؟.

لن يوقع أبو مازن على اتفاق يعيره دولة إسمية فارغة من المضمون تشبه دول الرعاية في جنوب افريقيا. فلماذا يدفع عما حصلت عليه حماس بالمجان وهو آخر كومة تراب في قطاع غزة؟ ولن يوقع أبو مازن ايضا على أي اتفاق مرحلي أو اتفاق جزئي كما يقترح افنيري، فقد تعلم في مدة 21 سنة من الاتفاقات المرحلية الجزئية أنه لا يوجد عند اسرائيل شيء أكثر ثباتا من المؤقت ولا يوجد شيء أكثر كمالا من الجزئي. وليس أبو مازن ايضا شريكا في تسوية ادارة الصراع، والذي يبحث عن هذه السبيل يحسن أن يتوجه الى مكاتب حماس. إن أبو مازن لن يرهن نفسه ولا أبناء شعبه.

اسرائيل لا تعطي الفلسطينيين ماءً بل تبيعهم إياه بسعر كامل

بقلم: عميره هاس

هأرتس – 16-2-2014

إن رينو تسرور مجري مقابلات يجادل من يجري المقابلات معه ولا يتملق، لكنه في يوم الخميس الماضي لم يحضر واجبه المنزلي وترك وزيرة القضاء تسيبي لفني تذر الرمل في عين الجمهور فيما يتعلق بقضية الماء وقضية مارتن شولتس .

دُعيت لفني الى برنامجه في صوت الجيش الاسرائيلي باعتبارها الصوت السليم الذي ينتقد سلوك بينيت وشركائه. وقالت ما يلي: "قلت (لرئيس البرلمان الاوروبي) أنت مخطيء، ضللوك على عمد لأن تقسيم الماء ليس كذلك، فاسرائيل تعطي الفلسطينيين من الماء أكثر مما التزمنا به في الاتفاقات المرحلية". إن كلمة "تعطي" وحدها كان يجب أن تثير انفعال تسرور. لكن لفني استمرت في تجريعه الاحتجاج على الموقف الفلسطيني من المياه المحلاة ولجنة المياه المشتركة بنغمة كلامها المدروس.

لكن الامر كالتالي:

• اسرائيل لا تعطي الفلسطينيين ماء بل تبيعهم إياه بسعر كامل.

• ما كان الفلسطينيون ليضطروا الى شراء الماء من اسرائيل لولا أنها القوة المحتلة التي تسيطر على موردهم الطبيعي، وهي تحدد لهم بفعل اتفاق اوسلو الثاني الكميات التي يستخرجونها، وتطوير البنية التحتية المائية عندهم وصيانتها واصلاحها.

• كان يفترض أن يتطور الاتفاق المرحلي في 1995 الى تسوية دائمة بعد خمس سنوات، وكان الفلسطينيون سيحظون في اطاره – كما أوهم المفاوضون الفلسطينيون أنفسهم – بالسيادة ويسيطرون على مصادرهم المائية.

• كان الفلسطينيون هم الجانب الضعيف واليائس والمائل الى الاغواء والمهمل من جهة التفاصيل لهذا فرضت اسرائيل بالاتفاق توزيعا غير عادل وفاضحا ومُذلا ومُغضبا لمصادر الماء في الضفة الغربية.

• اعتمد التوزيع على كميات الماء التي استهلكها الفلسطينيون واستخرجوها قُبيل الاتفاق. وقد خُصص للفلسطينيين من الآبار الجوفية الثلاث في الضفة الغربية 118 مليون متر مكعب في السنة يحل لهم استخراجها (باعمال تنقيب وآبار زراعية وينابيع ومياه جوفية)، وانتبه يا رينو تسرور الى أن ذلك الاتفاق خصص لاسرائيل 483 مليون متر مكعب من الماء تستخرجها من تلك الآبار الجوفية وفي الحدود نفسها. أي أنه خُصص 20 بالمئة للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية و80 بالمئة للاسرائيليين (عن جانبي الخط الاخضر) – يستمتعون بالطبع ايضا بالمصادر المائية في سائر اجزاء البلاد (بل كانت سنوات تجاوزت فيها اسرائيل هذه الكمية وسحبت سحبا زائدا). فلماذا يوافق الفلسطينيون على شراء الماء المحلى من اسرائيل وهي تسطو في كل لحظة على الماء الموفور تحت أقدامهم؟.

• إن الفضيحة الكبيرة الثانية في الاتفاق هي أن قطاع الماء في قطاع غزة حكم عليه بالاكتفاء بالماء الجوفي في داخله. وكيف نجسد هذه المظلمة؟ لنفرض أن سكان النقب طُلب اليهم الاكتفاء بالمياه الجوفية في حدود منطقة بئر السبع – عراد دون القناة القطرية ودون أخذ الزيادة السكانية في الحسبان. إن 90 بالمئة من سائل الحياة لا يستحق الشرب في قطاع غزة بسبب السحب الزائد الذي يجعل ماء البحر وماء الصرف الصحي يختلطان بالماء. هل تتخيلون ذلك؟ لو أن السلام والعدل كانا بغية الاسرائيليين لطور اتفاق اوسلو بنية تحتية للماء تربط قطاع غزة بسائر أجزاء البلاد.

• ستستمر اسرائيل بحسب الاتفاق على بيع الفلسطينيين 27.9 مليون متر مكعب من الماء كل سنة. وقد وافقت بسخائها الاستعماري على الاعتراف بحاجة الفلسطينيين الى زيادة في المستقبل تبلغ 80 مليون متر مكعب كل سنة. وقد فُصل كل شيء في الاتفاق بدقة كبيرة لصاحب ثروة. إن جزءا ستبيعه والباقي سينقب الفلسطينيون عنه لكن لا في البئر الجوفية للجبل الغربي حيث لا يجوز ذلك.

• لكن الفلسطينيين يستخرجون اليوم 87 مليون متر مكعب فقط من الماء في الضفة، أي أقل مما خصص لهم اتفاق اوسلو بـ 20 مليون متر مكعب. والاسباب الرئيسية لذلك هي القحط والقيود الاسرائيلية على تطوير وحفر آبار جديدة حتى بدل تلك التي جفت، والقيود على الحركة. أما تقصيرات الادارة الفلسطينية فثانوية، ولهذا "تعطي" اسرائيل – أي تبيع – حوالي 60 مليون متر مكعب كل سنة. اجل إنها أكثر مما قرر اتفاق اوسلو أن تبيعه، وأريد أن أقول إنه بدل أن يقل التعلق الفلسطيني بالمحتل زاد فقط.

• حافظت اسرائيل على الحق القوي لها في تقييد مشاريع تطوير البنية التحتية واعادة البناء مثل أن تفرض انابيب ذات قطر أقل من المطلوب، وأن تمنع ربط مجموعات من السكان في المنطقة ج بالبنية التحتية للماء، وأن تتأخر في الموافقة على اعمال التنقيب وأن تؤخر تبديل انبوب فاسد. ومن هنا يأتي النقص الكبير وضياع الماء من الانابيب الفلسطينية (نحو من 30 بالمئة).

• إن 113 ألف فلسطيني لم يربطوا بشبكة الماء. وفي اشهر الصيف ينقطع مئات الآلاف عن تزويدهم المنظم بالماء مدة اسابيع. وفي المنطقة ج تمنع اسرائيل حتى حفر آبار لجمع ماء المطر. فهل يسمى هذا: تعطي؟.

• بدل أن تشغلوا أنفسكم بحسابات هل معدل الاستهلاك المنزلي للفرد الاسرائيلي أعلى باربع مرات أو ثلاث مرات "فقط" من الاستهلاك الفلسطيني، إفتحوا أعينكم وانظروا الى المستوطنات الغارقة بالخضرة والى الماء الذي يأتي بصورة متقطعة الى احياء المدن والقرى الفلسطينية. توجد انابيب لشركة "مكوروت" ذات أقطار كبيرة للاسرائيليين في الغور وبالقرب منها جرار فلسطيني يجر من مسافات بعيدة حاوية صدئة فيها ماء. وانظروا الى الصنابير الجافة في الصيف في الخليل والى الماء الذي لا ينقطع جريانه في بيوت كريات اربع وبيت هداسا. فهل كل ذلك تضليل على عمد؟.

تصعيد هادىء

بقلم: عمير ربابورت

معاريف –16/2/2014

الاحداث الحدودية على طول الجدار الذي يحيط بقطاع غزة، نار الصواريخ نحو النقب الغربي، وكذا هجمات سلاح الجو في القطاع بين الاونة والاخرى، اصبحت طقوسا تميز "التصعيد الهادىء" – الارتفاع الواضح في حجم الاحداث في الجنوب، والتي تقع بعيدا عن انتباه وسائل الاعلام والجمهور في اسرائيل. ويتناول الجمهور ما يجري في الجنوب فقط عندما يضرب احد الصواريخ مدينة كبيرة كعسقلان.

"قائمة" نهاية الاسبوع الماضي لا تختلف بشكل جوهري عن الاحداث التي تقع على مدى كل الاسابيع الاخيرة. والمسؤولون عن معظم حالات اطلاق النار في نهاية 2013 وبداية 2014 هم المنظمات التي تسمي نفسها "سلفية". ويدور الحديث عن أكثر المتطرفين بين الاسلاميين. فهم يريدون العودة الى عهود الخلافة الاسلامية العظمى التي جاءت بعد عصر النبي محمد. وهم يتبنون حرب الجهاد ضد كل الكفار – اليهود، المسيحيين وكذا المسلمين الذين لا يسيرون في طريقهم.

ويتواجد معظم مقاتلي الجهاد السلفيين في سيناء. وفي قطاع غزة ايضا يوجد بضع مئات (وهذه الكمية تمثلها ليس أقل من عشرات المنظمات). ويرى الجيش المصري في سلفيي قطاع غزة وسيناء العدو رقم واحد. اما حماس في قطاع غزة فهي العدو الثاني، سواء بسبب أن القطاع يمنح مأوى للسلفيين الذين يخرجون من أراضيه ام لان المنظمة تتماثل مع العدو الاخر – حركة الاخوان المسلمين التي اخرجت عن القانون في مصر نفسها.

الضربة الكبرى بشكل خاص من ناحية حماس في غزة هي أنه في اطار الحرب ضد السلفيين، جفف الجيش المصري على نحو شبه تام الانفاق التي أتاحت حركة المقاتلين، الى جانب تهريب السلاح والبضائع، من سيناء الى قطاع غزة وبالعكس. هذه ضربة اقتصادية وعملياتية: فمنذ عمود السحاب (تشرين الثاني 2012، لم تنجح المنظمة في استئناف تهريب الصواريخ من ليبيا او من ايران عبر سيناء. وهي متعلقة الان فقط بقدرة انتاجها الذاتي (التي باتت تتضمن انتاج صواريخ تصل الى تل أبيب وتطوير أدوات طائرة غير مأهولة).

غير أن الوضع في قطاع غزة في هذه اللحظة دينامي والانتماء التنظيمي ليس قويا. وأحيانا ينتقل نشطاء منظمة ما الى منظمة اخرى هم وقساماتهم. وفي القطاع نفسه يوجد اضطراب عقب نشاط لا ينقطع لقوات الجيش الاسرائيلي من أجل منع زرع العبوات وحفر الانفاق على طول الجدار المحيط به. وهذا النشاط هو مصدر الاحتكاك الذي لا ينتهي.

السلفيون ليسوا وحدهم. فلمنظمات كلجان المقاومة الشعبية او الجهاد الاسلامي الفلسطيني ايضا توجد مصلحة بان تطلق بين الحين والاخر صاروخا أو اثنين نحو اسرائيل. واذا كان الامر يورط حماس مع اسرائيل ايضا، فان رجال هذه المنظمات تضرب عصفورين بحجر واحد.

في السنتين ما بعد حملة عمود السحاب اثبتت حماس قدرة شبه مطلقة على فرض وقف النار مع اسرائيل على كل المنظمات الغزية. ومصلحتها الاساس في منع الاشتعال في الوقت الحالي بقيت على حالها. ولكن، يحتمل ان يكون النشاط الواهن الذي تقوم به حماس ضد اطلاق الصواريخ من القطاع ينبع من الضعف او معقول اكثر من تضاؤل الدافع. فعندما تختنق حماس اقتصاديا من جانب ما يعتبر في نظرها كحصار اقتصادي اسرائيلي ومصري، فان هذا يمكن ايضا ان يكون سبيلها لان تبث احساسا بان "الاوضاع ليست عادية".

حفلة الشاي لبينيت

بقلم: روبيك روزنتال

معاريف –16/2/2014

للحظة تأسيسية واحدة أصبح وجه التكنولوجي السابق نفتالي بينيت وجه ميخائيل بن آري بل وربما وجه سيده الراحل. وقد حصل هذا عندما ألقى خطاب اعتزال القاعة ضد رئيس البرلمان الاوروبي. فقد تشوه الوجه بغضب، بعداء وبرزت العينان. فهل كان هذا نفتالي بينيت الحقيقي، الذي اكتسى وجهه حتى الان سيماء الاخ الحبيب، أخ الجميع، والان ازال اللثام؟ أم أنه وضع الان اللثام كي يحافظ على زعامته ضد الاصوات المتعاظمة في جمهوره الطبيعي لمكافحة القضاء الذي ينسجه جون كيري ونتنياهو زعما ضده. لعالم نفس بينيت حلوله، ولكن ارئيل، يوغاف وستروك احتفلوا بنصر صغير. ليس على شولتس. فقد جمع النقاط من الحدث فقط. الانتصار على محاولة المعسكر الديني – الوطني العودة الى الوسط السياسي وجمع المزيد من الاصوات والمزيد من القلوب.

في مسرحية الرعب لبينيت توج نفسه كرئيس حفلة الشاي الاسرائيلي. الاخ الاكبر لهذه الحركة هو حركة حفلة الشاي الامريكية، التي سيطرت على الحزب الجمهور، وكما يبدو اليوم – فانها ستفعل كل ما في وسعها كي تمنع عنه النجاح في السباق التالي نحو الرئاسة. في الحالة الامريكية يدور الحديث عن خليط من الاصوليين المتدينين مع موقف رأسمالي متطرف واحتقار لليبرالية الديمقراطيين والوسط الجمهور.

في الحالة الاسرائيلية فان الاصولية الدينية على نمط دعوة موطي يوغاف "الله اعطانا البلاد قبل ثلاثة الاف سنة"، تخدم موقفا سياسيا صقريا، مبنية على لاءات ثلاث: لا للدولتين، لا للانسحاب، لا للاعتراف بحقوق الفلسطينيين القومية. هذه اللاءات الثلاث هي صورة مرآة للموقف الفلسطيني المتطرف بلباس حماس، المسنود هو ايضا بشيوخ الدين والفتاوى الشرعية. وتنضم الى حفلة الشاي السياسية القيادة الشابة لليكود، التي تتصدر القوانين المناهضة لليبرالية.

والسؤال أي قسم من الجمهور الاسرائيلي يمثله رجال حفلة الشاي لم يبحث حقا. فالبيت اليهودي صعد في الانتخابات الاخيرة تحت رعاية "حملة أخي"، ولكن معظم اصواتها أخذتها من الليكود. فقائمة قوة لاسرائيل لم تنجح في الدخول الى الكنيست. بين الحريديين، فان الاصولية الدينية لا تمثل اصولية سياسية، وبالتأكيد ليس بقوة وتطرف البيت اليهودي. وحسب كل المؤشرات، فان الجمهور الاسرائيلي يميل الى الوسط مع تشديد يميني ما، ولكن في الوسط مثلما في الوسط، يتعرض لتأثيرات عابرة. قوة حفلة الشاي الاسرائيلية، مثل اختها الكبرى في الولايات المتحدة ليست في الاغلبية التي لها في الجمهور بل في أنها تعرض صوتا واضحا، حادا، مهددا. هذا بينما الوسط – يمينا ويسارا – يتلعثم، يخشى، وفي نهاية الامر يستسلم. وداخل معسكر بينيت ايضا، المتطرفون يجذبون الاقل تطرفا، وصورة مجسمة لذلك كانت في القاعة في اثناء الخطاب والاعتزال، عندما انجر نيسان سلوميانسكي رغم أنفه من القاعة من قبل النائبة ستروك.

مثلما في امريكا، في اسرائيل ايضا حفلة الشاي ليست مبنية للتنازلات وتقليص مستوى اللهيب. يمكن العودة للقول لبينيت انه يخدم أعداء اسرائيل في الاعتزال المغطى اعلاميا من الكنيست، مثلما ايضا في خطاب "فقدان الوعي القيمي". فهذا لن يغير طريقه الجديد، فهو بات هناك منذ الان. لم يعد أخا. فهو لا يرى يئير لبيد من مسافة متر، واذا كان يراه – فبينه وبين أخيه الضائع يقف الجيل الثاني والثالث من حركة المستوطنين، وهو سيواصل الحديث من حلقهم. وليس له ما يقلقه. عندما يقف نتنياهو امام لحظة الحقيقة، اذا ما وصل الى هناك، فانه سيتراجع امام حفلة الشاي، والكل سيعود الى مكانه بسلام، حتى الانتخابات القادمة.

خطر على الجيش

بقلم: اليكس فيشمان

يديعوت –16/2/2014

إن كل محاولة اليوم بأن يُحدد بالقانون حجم الجيش النظامي بعد ثلاث سنوات هو عمل بهلواني، فكل من كان له أدنى صلة في يوم ما بخطة بناء القوة العسكرية يعلم أن كل قرار على تقصير الخدمة العسكرية سيدخل حيز التنفيذ بعد ثلاث سنوات هو توقيع على جليد – فذلك لم يحدث ولن يحدث. إن استنتاجات لجنة بروديت التي فحصت عن ميزانية الامن وبناء القوة العسكرية تلاشت في خلال سنتين، ولم تتم قط ايضا أي واحدة من الخطة الخمسية التي أعدها الجيش نفسه. إن بني غانتس الذي يُتم في هذا الاسبوع ثلاث سنوات في عمله رئيسا للاركان قد افتتح وحده من قبل ثلاث خطط عمل متعددة السنوات. وما زال يجلس الى الآن في لجنة شكيد اعضاء كنيست لا يفعلون شيئا ولا نصف شيء لتغيير الواقع السياسي في الشرق الاوسط الذي قد يُمكن من تصغير الجيش في المستقبل – ولا يعوقهم ذلك عن اجراء حيل عددية غوغائية تتعلق بطول مدة الخدمة العسكرية.

فما الذي تثرثر فيه لجنة شكيد اذا؟ إن الحقيقة أن الذنب ليس ذنبهم فقط فقد كان الجيش نفسه، أو اذا شئنا مزيد الدقة، خبراء القوة البشرية في هيئة القيادة العامة هم الذين قدموا لهم افكار النقاش. وعلى خلفية ضغوط اجتماعية في مجال المساواة في عبء الخدمة العسكرية ومشكلات حافز وحاجة الجيش الوسواسية الى إحداث اصلاحات ولدت خطة اخرى تريد ان تغير التوازنات بين طول مدة الخدمة العسكرية واحتياطيات القوة البشرية التي تمد الجيش.

ربما كانت نوايا الجيش حسنة فيما يتعلق بتجنيد الحريديين، فقد اضطر رئيس هيئة الاركان والعاملون في قسم القوة البشرية الى تقديم ضريبة كلامية الى المجتمع الاسرائيلي كأن يعلنوا قائلين نعم من المؤكد أننا نحتاج الى الحريديين والى كثير منهم. ولم يقصدوا في الحقيقة أن يُجند آلاف الحريديين للجيش الاسرائيلي في كل سنة لأن ذلك كان نوعا من الكذب المتفق عليه فقط. بيد أن الجيش سقط هنا باسم السلامة السياسية في قِدر صراعات سياسية.

يجب أن نقول بصوت عال إن الجيش لا يريد ولا يمكن أن يُعايش تجنيدا كثيفا لحريديين في أطر مستقلة كبيرة وهي الأطر الوحيدة التي يمكنهم أن يخدموا فيها لا لاسباب ميزانية لأن الحكومة التي يستقر رأيها على تجنيد الحريديين ستدفع ثمن استعمالهم ايضا. لكن سبب ذلك أكثر جوهرية وعمقا لأن الجيش يخشى امكان أن يغير جسم مستقل كبير من الجنود الحريديين له منظومة قيم تناقض وتتحدى منظومة القيم الموجودة في أساس كل جيش في مجتمع ديمقراطي، أن يغير الاخلاق العسكرية والجيش الاسرائيلي.

يوجد في بنية كل منظمة عسكرية أساسان وهما وحدة القيادة ووحدة الهدف. ويرى الحريديون أن الهرمية العسكرية خيار لكن مصدر سلطتهم ليس القائد ولا القانون بل الشريعة اليهودية والحاخام، لا الحاخام العسكري بالضرورة. وهكذا اذا حدث تجنيد كثيف للحريديين في الجيش الاسرائيلي فان جزءً لا يستهان به من الجنود لن يروا أنفسهم ملزمين بالهرمية العسكرية. ولا يستطيع الجيش أن يعايش وضعا كهذا. وتعني وحدة الهدف الغاية التي لاجلها يُجندون ويقاتلون ويقتلون ويُقتلون وهي قضية لا تقل اشكالا. فثم من هم مستعدون لأن يُقتلوا في سبيل الله وثم من يقتلون ويُقتلون في سبيل الدفاع عن الدولة والشعب – وهذا هو التعبير عن الهاوية القيمية والثقافية الفاغرة فاها بين أجزاء المجتمع الاسرائيلي. وحينما تُنقل هذه الهاوية الى حياة الجيش اليومية تنشأ اوضاع غير ممكنة مثل: هل يحصل استعمال جهاز ما في اطار مناوبة السبت على موافقة الحاخام؟ وهل تكون المشاركة في اعتقالات في ليل يوم الجمعة حماية للنفس من الهلاك؟ حينما يكون الحديث عن بضع عشرات من الجنود الحريديين المعززين للقتال يمكن ابتلاع ذلك لكن بضعة آلاف من الحريديين في أطر مستقلة سيغيرون صورة الجيش. ولهذا يحسن بدل معاقبة الحريديين وتجنيدهم بالقوة أن يُبذل جهد وأن يُحولوا الى عامل مركزي في خدمة المجموع.

عدم التناسب موجه على اسرائيل وحدها مرة اخرى

بقلم: د. رؤوبين باركو

اسرائيل اليوم –16/2/2014

برزت بين كل المشكلات في العالم في خطبة رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتس في الكنيست دعوى أن الاسرائيلي العادي يستهلك 70 لتر ماء في حين حُدد للفلسطيني 17 لتر ماء في اليوم فقط. وهو لم يقرأ هذا المعطى المذهل الذي زعزعه وأخاف شعوره بالعدل، لم يقرأه في مجلة جليلة أو في بحث اكاديمي بل سمعه من شاب فلسطيني مجهول في رام الله. اجل إن العدل والحس الاخلاقي والدقة تقلق جدا ضمير وحياة نماذج غربية، وذلك خاصة بسبب الميل الوسواسي الى الكمال الذي يميز جزءً من شعوب القارة الاوروبية ولا سيما الالمان. فهم يطلبون مرة بعد اخرى في دعاواهم الموجهة على اسرائيل، يطلبون التكافؤ في علاقتها بالفلسطينيين ولا سيما حينما يكون الحديث عن خطواتها الدفاعية. وقد قوي هذا المطلب بصورة مميزة في السنوات الاخيرة على إثر عمليات الجيش الاسرائيلي في يهودا والسامرة وغزة.

فقد عرض الساسة الاوروبيون بغضب أكثر من مرة على إثر هذه العمليات، عرضوا عدد المصابين الكبير من الارهابيين الفلسطينيين في المناطق بازاء عدد المصابين القليل نسبيا من اسرائيل. وكان في هذه الدعوى "الضميرية" فرض كامن يقوم على التجربة التاريخية وعلى الهوى الكامن في النفس وهو أنه اذا لم يزد عدد الضحايا اليهود على عدد الضحايا الفلسطينيين فمن المناسب أن يكون عدد القتلى من الطرفين متساويا على الأقل. ولا يهم من وجهة نظر زعماء الاتحاد الاوروبي أن يطلق الفلسطينيون قذائفهم عمدا على السكان الاسرائيليين وأن تمتنع اسرائيل بقدر استطاعتها عن المس بمواطنين فلسطينيين. ولا تغير حقيقة أن الفلسطينيين الذين أصيبوا بالخطأ كانوا درعا بشرية، لا تغير من الامر شيئا.

يُعرف شولتس في المانيا بأنه مناصر لاسرائيل ووجد من دافعوا عنه زاعمين أنه "لم يفحص ببساطة". اجل إن شولتس غير عالم بسحب الفلسطينيين الزائد للماء بصورة قرصنة في المناطق والذي يقلل المياه الجوفية. وهو غير مطلع على مياه الصرف الصحي الفلسطينية التي تلوث الآبار الجوفية المشتركة. ومن المنطق أن يكون السيد شولتس عالما بالمشاريع الاسرائيلية الخلاقة ذات الكلفة العالية لتحلية مياه البحر، التي تُمكن اسرائيل من تغطية العجز المائي وامداد مواطنيها بالماء في حين ينفق العرب اموالهم على القتل والارهاب. ويبدو أن شولتس باعتباره رجل ضمير وتناسب قد ضايقه أن الاسرائيليين أكثر استحماما، وهذا مؤسف.

هذا مثير للاهتمام لكن طلب الاوروبيين "التناسب" قد ثار في مقابلة صحفية اجراها التلفزيون البريطاني مع رئيس الوزراء نتنياهو في آب 2006. فقد سأل مجري اللقاء آنذاك كيف يفسر بيبي حقيقة أنه قتل من المواطنين اللبنانيين أكثر مما قتل من المواطنين الاسرائيليين، فأُجيب بقوله: أنت لا تريد حقا السير في هذا الاتجاه". وسأل مجري اللقاء الذي وقع في الشرك: "لماذا لا؟" فأجاب نتنياهو: "لأنه قتل في الحرب العالمية من المواطنين الالمان أكثر مما قتل من الانجليز والامريكان معا، ولا جدل في أن ذلك نبع من عدوان المانيا. هذا الى أن بريطانيا قصفت في رد على الاعمال الالمانية ومحت المدينة الالمانية المدنية برزدن تماما". وأضاف نتنياهو قائلا: "أريد أن أُذكرك أنه في 1944 حينما أراد البريطانيون أن يقصفوا مقر الغستابو في كوبنهاغن، اخطأ الطيارون الهدف وأحرقوا مستشفى للاولاد مع 83 ولدا دانماركيا في داخله"... فسكت مجري اللقاء البريطاني.

يا شولتس المحترم إن التناسب في توزيع الماء ثابت في اتفاقات. ومع ذلك تقوم مباديء الحرب والنصر والردع التي نجحت في اوروبا على الحسم وعلى عدم التناسب في الضرر والمصابين، فاذا لم يختر الفلسطينيون السلام فهذا ما سيحصلون عليه.

كيري يستبعدهم

بقلم: حاييم آسا

مستشار استراتيجي لرئيس الوزراء اسحق رابين

معاريف –16/2/2014

جون كيري، وزير الخارجية الامريكية، ينجح على ما يبدو في تحقيق هدفه الاول، الضروري، من أجل الوصول الى تسوية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين – اصراره أدى الى اعتراف في أوساط عدد من الزعماء السياسيين بانه حان وقت الحديث عن الواقع، والالقاء الى القمامة بالتزلف الشعبي ذي نزعة القوة الذي كان حساسا جدا لمشاعر الجمهور الاسرائيلي. هذا صحيح بالنسبة لليبرلمان، هذا صحيح بالنسبة لبينيت (في الاتجاه المعاكس) وهو سيكون صحيحا أيضا بالنسبة لنتنياهو، كما سيتبين لنا قريبا جدا. فالتزلف الشعبي الذي خلق لليكود بيتنا ولليمين الاسرائيلي أغلبية ساحقة في الانتخابات، سيلقى به الى سلة القمامة وستحل معه – دون أي مشكلة – العقلانية القائمة على أساس التسوية السياسية. باستثناء أنه سيكون اسهل على لبيرمان لانه هو حزبه، بينما لدى بيبي الحياة اصعب. فحزبه هو اكونيس، دانون، الكين وكذا ريغف وآخرون غيرهم.

ان استقرار الشرق الاوسط الآخذ في التفكك هو مصلحة امريكية واضحة. وانتاج دولتين للشعبين، كلتاهما ديمقراطيتان وكلتاهما تحت نفوذ الولايات المتحدة، اضافة الى تخفيض ما للتوتر المرتبط بالمواجهة الاسرائيلية – الفلسطينية. مثابة خطوة توازن بقدر ما المسيرة المعاكسة التي نشهدها في الشرق الاوسط، والتي تشرف عليها ايران (حزب الله وحماس) من جهة، والسعودية من جهة اخرى (القاعدة وما شابه). مسيرة كلها صراع اسلامي داخلي يضعف بالاساس الديمقراطيات/شبه الديمقراطيات – مصر وتركيا. هذه مصلحة واضحة ايضا لاسرائيل، للفلسطينيين أسوياء العقل والجمهور سوي العقل في تركيا وفي مصر. ضدهم، يقف كل المتطرفين من كل الاديان والمنظمات ممن لا يرون في الاستقرار الاقليمي هدفا ذا صلة. كل واحد من الفصائل المتطرفية – بما فيها اليهودية – يرى الواقع بعيون التزمت الديني. وهم سيذكرون لنا اوسلو، العمليات وكل ما يعرفوه. وفقط شيء واحد لن يشرحوه – كيف تبدو دولة واحدة لشعبين بعد عشرين سنة؟ ماذا سيكون اسمها؟ إسراطين (الحقوق لهذا الاسم محفوظة لتلاميذ التسويق السياسي في المركز متعدد المجالات في هرتسيليا)؟

في مباراة كرة السلة يوجد اصطلاح يسمى "احتلال بلاطة" – لاعب يسعى لان يتواجد على بلاطة جد معينة في اللحظة التي تصل اليه الكرة إذ من تلك البلاطة يعرف، على نحو شبه أعمى، كيف يدخل الكرة في السلة. على بلاطة وسط الصورة السياسية – الحزبية يحاول افيغدور ليبرمان السيطرة، بالحراب، في ظل رؤية الواقع المقترب نحونا مثل الحائط الحديدي الذي لم يعد ممكنا دفعه الى حافة الطريق. حائط قريب لدرجة اللمس، يستدعي من المجتمع الاسرائيلي حسما. والمعركة لم تعد فقط في السياق السياسي بل انتقلت الى الميدان الحزبي الداخلي في اسرائيل، عبر معركة الانتخابات، حين تكون الاجندة الوحيدة فيها هي التسوية السياسية.

هذا هو الانجاز الكبير لكيري. فقد أجبر السياسيين الاسرائيليين على أن يضعوا على الطاولة نظرتهم الواقعية، حين ينظرون ايضا الى جدول الاستطلاعات الذي يسجل بالقطع: الجمهور في اسرائيل، في معظمه (اكثر من 60 في المئة) يريد حلا سياسيا. هكذا بالنسبة لليبرمان وهكذا بالنسبة لبينيت. فاغماض العيون انتهى. والان ينزعون القفازات لان هذه هي لحظة الحسم. سنرى إذن ان ليبرمان يستولي على البلاطة المعروفة لنا جميعا، بلاطة اسحق رابين. ففي الايام التي تغمر بها الريح السياسية الاجندة الوطنية، فان هذه هي البلاطة الافضل. ويضع ليبرمان على الطاولة اوراق رابين بالضبط – تعابير المحبة للامريكيين، لكيري وفي نفس الوقت المواقف الواضحة التي يتخذها تأييدا للتسوية وكذا الركلة لمؤخرة الاخوين بينيت. أما البيد فهو لا يحصيه.

اذا لم يفهم حزب العمل الخريطة السياسية المتبلورة، اذا لم يضع نظرية سياسية قاطعة ولا لبس فيها منذ الايام القريبة القادمة، فاننا سنشهد انفجارا سياسيا عظيما: يمين جديد حيال يسار جديد (في السياق السياسي)، فيما أن اليسار (بما في ذلك اليسار – الوسط) القديم سيشطب بتشكيلاته الاجتماعية. اسرائيل تقف امام الحسم الاهم في تاريخها منذ قيامها – الاعتراف بوجودها كدولة ذات هوية يهودية ديمقراطية أو شيء آخر لا أحد يفهم ما هو. اما كل ما تبقى – كما قال من قال – ففستق.

مشكلات في عائلة الجهاد العالمي

بقلم: يورام شفايتسر

اسرائيل اليوم –16/2/2014

أصبحت الحرب الدامية بين الرئيس السوري بشار الاسد وجهات المعارضة في بلده في السنتين ونصف السنة الاخير أمرا راتبا معروفا. لكن المواجهة العسكرية العنيفة الجارية في الاشهر الاخيرة بين جهات المعارضة الاسلامية ليست أمرا راتبا. إن اعلان منظمة القاعدة المركزية تبرؤها من افعال داعش وأنها غير مسؤولة عن افعال المنظمة في سوريا، يشهد على وجود مشكلات في عائلة الجهاد العالمي. إن المواجهة الحالية بين ايمن الظواهري – زعيم القاعدة المركزية – وبين أبو بكر البغدادي، زعيم القسم العراقي "داعش"، بدأت حينما أعلن الاخير من قبل نفسه في نيسان من السنة الماضية انشاء المنظمة التي توحد بين "الدولة الاسلامية في العراق" و"جبهة النصرة" في سوريا دون تنسيق هذا الاجراء مع الظواهري أو مع الجولاني، قائد المنظمة السورية. ورفض قائد جبهة النصرة اعلان الوحدة وعبر عن ولائه للظواهري باعتباره قائده الاعلى. وكانت تلك خطوة تحدٍ من الجولاني للبغدادي الذي كان هو الذي أرسله لانشاء الفرع في سوريا. وحاول الظواهري الذي أراد أن يثبت مكانته العليا في حركة الجهاد العالمي أن يصلح بين الاثنين ويحفظ وحدة الصف فأيد موقف الجولاني وقضى بأن كل منظمة يجب أن تعمل في البلد الذي توجد فيه، فالبغدادي في العراق والجولاني في سوريا. بل انه ارسل مندوبا عنه الى سوريا للاصلاح بين الطرفين.

في رد على ذلك اتخذ البغدادي خطوات عملية لتنفيذ اعلانه للعمل في الدولتين، ومنذ النصف الثاني من سنة 2013 زاد حضور منظمة داعش في سوريا. والى ذلك عززت المنظمة نشاطها في العراق ولا سيما محافظة الانبار. واصبحت داعش ايضا اكثر المنظمات نشاطا وهيمنة في المعركة في سوريا وسيطرت قواتها على عدة بلدات في شمال الدولة وشمالها الشرقي وهو شيء افضى الى مواجهات عنيفة بينها وبين جهات معارضة اخرى على الارض. وظهرت هذه المواجهات في صورة صدامات عسكرية واغتيالات متبادلة بين افراد داعش وعناصر الجبهة الاسلامية والجيش السوري الحر، بل حدثت في المدة الاخيرة صدامات عنيفة بين نشطاء داعش ونشطاء جبهة النصرة.

إن معظم النقد لافراد داعش متصل بسلوكهم الوحشي مع السكان المحليين ومحاولتهم فرض احكام الشريعة الاسلامية بالقوة على السكان المحليين. واشتملت تلك الافعال على معاقبة شديدة لمن انحرف في رأيهم عن فرائض الاسلام. وعلى إثر ازدياد حالات العنف الشديد من افراد داعش على المحليين وعلى ناس المعارضة السورية نشر قائد جبهة النصرة في بداية السنة انتقادا لاذعا للمنظمة ولقائدها وللاعمال التي يقوم بها ناسها. واضطر البغدادي في رد على ذلك الى نشر اعلان يدافع فيه عن نفسه زعم فيه أن من يعارض نهجه ينحرف في واقع الامر عن سنة النبي ويعين اعداء الاسلام وفي مقدمتهم الشيعة. وبرغم اعلان الظواهري اقصاء البغدادي لا يبدو أن الزعيم العراقي ينوي التخلي عن متابعة نهجه أو الاستسلام لاملاءاته.

معلوم أن المتمتع الرئيس بالمواجهة الداخلية بين المجاهدين هو الرئيس السوري الذي يستغل عدم الوحدة بين جهات المعارضة ومنها جهات الجهاد العالمي لاحراز انجازات في ميدان المعركة. والى ذلك قد تخدم المواجهة الداخلية المتزايدة بين جهات الجهاد العالمي الدول الغربية ومنها اسرائيل التي تنظر في عجز الى التيار المتزايد من نشطاء الجهاد العالمي الذين يتدفقون على سوريا ويثبتون انفسهم فيها. إن الصدع الذي ظهر في صورة قادة منظمات الجهاد العالمي الذين يظهرون في صورة بشر يشتهون القوة وهم متطرفون متنازعون في صراعات على المجد الشخصي قد يساعد الجهات الاستخبارية على محاولة أن تجند من صفوفهم نشطاء خابت آمالهم كي يساعدوا في احباط النشاط الارهابي المتوقع انتقاله في المستقبل من سوريا الى دول العالم.

مقاطعة لحرية التعبير

افتتاحية

بقلم: أسرة التحرير

هآرتس –16/2/2014

قانون المقاطعة الذي تبحث محكمة العدل العليا هذا الصباح في دستوريته هو قانون من الثمار الفجة للكنيست السابقة، التي دفعت الى الامام بموجة تشريع مناهضة للديمقراطية تواصل فيها الكنيست الحالية.

ويقضي القانون بان من ينشر نداء علنيا لفرض مقاطعة على دولة اسرائيل، تكون فيها امكانية معقولة لان تفرض بالفعل المقاطعة، فانه يرتكب جنحة مدنية ويكون ممكنا الزامه بتعويضات ليست متعلقة بالضرر. "المقاطعة على دولة اسرائيل" تعرف كامتناع عن علاقة اقتصادية، ثقافية أو اكاديمية مع شخص او جهة، فقط بسبب صلته بدولة اسرائيل، مؤسسة من مؤسساتها او منطقة توجد تحت سيطرتها. والمعنى هو أن حتى الدعوة لمقاطعة منتجات المستوطنات، او المسرح في ارئيل، من شأنها أن تدخل تحت هذا التصنيف. كما أن القانون يسمح لوزير المالية بان يحظر على من يدعو الى المقاطعة المشاركة في عطاء للدولة، وان يمنع عنه حقوقا مالية اخرى.

ان الدعوة للمقاطعة هي فعل مدني – استهلاكي معروف، ذو تقاليد طويلة: مقاطعة الباصات في مونتغمري، في الباما كاحتجاج ضد الفصل بين البيض والسود؛ المقاطعة على جنوب افريقيا في زمن الابرتهايد، احتجاج الكوتج في اسرائيل – في كل هذه الحالات استخدم الناس المقاطعة كأداة للاحتجاج السياسي. والحظر على الدعوة الى المقاطعة، والذي يتم بالقانون جاء لان يمنع طريقة مشروعة ومقبولة للاحتجاج ولهذا فانه مرفوض.

ان التغيير الذي طرأ على مشروع القانون الاصلي، الذي اقترح عقوبات جنائية، ليس فقط لم يقلص المدى الذي يمس بالقانون بحرية التعبير بل وزاده: فخلافا للدعوى الجنائية التي يعطى فيها للمستشار القانوني مدى التفكر اذا كان سيرفع الدعوى ، فان القانون يسمح الان لكل شخص خاص أن يرفع دعوى ضد شخص آخر دعا الى المقاطعة، وان يحصل على التعويض حتى دون اثبات الضرر الفعلي.

ومع أنه لم ترفع بعد دعاوى حسب القانون، فان مجرد وجوده له اثر مبرد ورادع يمس منذ الان حرية تعبير مواطني الدولة. وعليه فيجدر بمحكمة العدل العليا أن تقرر بان القانون ليس دستوريا، كونه يمس بحرية التعبير، مثلما يمس ايضا بحرية التفكير والضمير. فضلا عن ذلك، فانه كونه يحظر فقط المقاطعة في سياق سياسي معين، فانه يمس ايضا بالمساواة.

فضلا عن مسألة دستورية القانون، يجدر باعضاء المجلس التشريعي أن يستوعبوا حقيقة أن الحل للانتقاد على اسرائيل والدعوات لفرض المقاطعة عليها لا يكمن في اسكات النقد بل بالتصدي الجدي والموضوعي لمضمونه.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: