Friday, February 21, 2014

مقالات من الصحف العبرية

ينبطحون أمام المجرمين

افتتاحية
بقلم: أسرة التحرير

هآرتس –20/2/2014

سكان مستوطنة بيت ايل ينبغي عمليا ان يشكروا قضاة محكمة العدل العليا الذين أمروا في حزيران 2012 لاخلاء تل الاولبانه، الحي الذي يقع شمالي بيت ايل والذي بني على اراض فلسطينية خاصة. فالاخلاء الجزئي الذي أجرته الدولة في اعقاب قرار محكمة العدل العليا – 5  مبان اخليت فقط من اصل 14 مبنى- يواصل تقديم المزايا والمكاسب لشركة تطوير مدرسة كريات بيت ايل الدينية التي يعود لها تل الاولبانه. وتعود هذه الى اتفاق "الاخلاء الطوعي" الذي عقده المستوطنون مع الوزير جلعاد أردان وفي اطاره وعدوا الا يتمترسوا في المباني والا يأخذوا بالعنف.
واضافة الى تمويل ايجار شقة للمخلين، منح تراخيص لبناء 90 وحدة سكن لطاقم تعليم في نطاق بيت ايل، لضمان بناء حي من 300 وحدة سكن وامتيازات اخرى لملايين الشواكل، ترفض الدولة الكشف عن تفاصيلها – يتبين الان ان الدولة ستقيم في بيت ايل مبان عامة بتمويلها، بكلفة اجمالية تصل الى 20 مليون شيكل.
وحسب التعليمات التي صدرت عن ديوان رئيس الوزراء لدائرة الاستيطان يتبين أن الدولة ستقيم أربعة مبان عامة بينها مركز جماهيري، معهد ومبنى مجلس جديد، بكلفة كل واحد منها تقدر بـ 5 مليون شيكل.
من الصعب تجاهل الرسالة الشوهاء التي تطلقها دولة اسرائيل لسكانها: المواطنون الذين يحترمون القانون ودافعو الضرائب داخل الخط الاخضر، ممن يعانون من تآكل متعاظم في الخدمات العامة التي يتلقونها، لا يحظون بالتمتع بجملة الامتيازات التي تغدق على سكان بيت ايل. وهؤلاء من جهتهم ممن داس بعضهم بقدم فظة على القانون الاسرائيلي، يحظون بالامتيازات مقابل موافقتهم الهزيلة على احترام قرار المحكمة وعدم اتباع العنف تجاه منفذي القرار.
وحسب هذه السياسة، فان المستوطنين افضل من كل مواطن آخر، وموافقتهم على تنفيذ قرار محكمة العدل العليا – وهو الواجب المفروض على كل مواطن في الدولة – يجب ان تترافق وتعويض سخي، بعشرات ملايين الشواكل. ليس بين السكان الاسرائيليين اي مجموعة تتمتع بامتيازات بهذا القدر الكبير، ومجرد وجود مجموعة كهذه هو انتهاك لسلطة القانون وتشويه لمبادىء الديمقراطية.
الحكومة، التي تخضع اليوم لتهديدات المقاطعة على سياسة البناء المكثف التي تتخذها في المناطق يجب ان تتوقف عن الانبطاح امام المستوطنين وتبدأ بتفضيل مصالح عموم السكان.

نهاية الوضع الراهن
مقال افتتاحي
بقلم: يوفال كارني
يديعوت –– 20/2/2014

إن التدقيق وتناول التفاصيل قد آتى أكله: فبعد أشهر كثيرة من المباحثات والجدل وعمل مقر عمل مرهق، صوت أمس اعضاء لجنة شكيد على الصيغة النهائية لقانون المساواة في عبء الخدمة العسكرية. وبرغم أن هذا القانون يفترض أن يؤتى به للتصويت عليه في الكنيست في الشهر القادم فقط فهذه هي أسس القانون الذي سيحدث ثورة اجتماعية في الدولة في السنوات القريبة.
سيقسم القانون الى مرحلتين: فترة التكيف وفترة الثبات. وستكون مدة التكيف من لحظة اجازة القانون في الكنيست (التي يتوقع ان تجرى في الشهر القادم) الى شهر حزيران 2017. وبعد ذلك ستبدأ فترة الثبات بصورة رسمية.
في وقت فترة التكيف سيضطر كل طالب حريدي في الـ 17 من عمره أن يحضر بأمر اول لاجل التسجيل والفحص ككل مواطن في عمره في الدولة. لكن طالب المدرسة الدينية الذي يكون في يوم دخول القانون حيز التنفيذ في الـ 22 فصاعدا سيحظى باعفاء من الجيش الاسرائيلي ويستطيع أن يشارك في سوق العمل مباشرة. ويستطيع كذلك طالب المدرسة الدينية الذي يكون في يوم دخول القانون حيز التنفيذ بين السنين 18 – 22 أن يطلب تأجيل خدمته كل سنة بحسب أهداف التجنيد حتى سن الـ 24، ويستطيع بعد ذلك الحصول على اعفاء نهائي من الخدمة العسكرية وأن يشارك في سوق العمل. وحددت اللجنة اهداف التجنيد حتى 2016 وبعد ذلك ستحدد الحكومة في كل سنة اهداف التجنيد في المستقبل.
في زمن فترة ثبات القانون ستجري الامور بصورة مختلفة شيئا ما. وسيلزم كل طالب حريدي في الـ 17 من عمره ان يحضر لـ "أمر اول – لكنه يستطيع أن يؤجل خدمته العسكرية لاجل دراسة التوراة ما بقي بين سن 18 – 21. وبعد يوم الميلاد الـ 21 يتغير الوضع: ففي أحرزت اهداف التجنيد لتلك السنة (بدءا من 2017) يستطيع طالب المدرسة الدينية الاستمرار على الحصول على تاجيل الخدمة كي يدرس التوراة حتى يصبح في الـ 26 من عمره. ويحق له بعد ذلك الحصول على اعفاء من الجيش الاسرائيلي.
لكن اذا لم تحرز اهداف التجنيد لتلك السنة التي يطلب فيها الطالب تاجيل الخدمة فسيجري عليه قانون تجنيد الزامي. أو بعبارة اخرى يجب على كل طالب مدرسة دينية بلغ سن الـ 21 أن يجند للخدمة العسكرية أو المدنية، واذا لم يجند فسيعاقب عقوبات جنائية، أعني السجن. وابناء المدارس الدينية الذين سيحظون باعفاء من قانون التجنيد الالزامي في هذا السيناريو هم فقط 1800 من دارسي التوراة "الدائمين" يستطيعون الاستمرار على دراستهم حتى سن الـ 26.
إن ابناء المدارس الدينية التحضيرية نالهم القليل جدا من التغييرات في مخطط خدمتهم في المستقبل، قياسا بابناء المدارس الدينية الحريدية؛ لأن القانون الجديد سيمكن من استمرار وجود "المسار الخاص" للمدارس التحضيرية قبل الخدمة العسكرية ومعنى ذلك أنه سيطلب اليهم خدمة عسكرية فاعلة مدة 17 شهرا فقط قياسا بسائر الجنود الذين سيتابعون الخدمة فترات اطول كثيرا.
وستضطر المساواة في الجنس الى الانتظار ايضا كما يبدو: فقد اشارت لجنة شكيد الى تقصير مدة خدمة الرجال باربعة اشهر تبدأ من تموز 2015 (أي بدل أن يخدموا 36 شهرا سيخدمون 32 شهرا). ولم تبت اللجنة الى الآن في قضية اطالة مدة خدمة النساء باربعة اشهر، وليس واضحا هل ستحل هذه القضية ومتى تُحل.


عرفات أعطى وأبو مازن لن يأخذ
بقلم: آري شبيط

هآرتس –  20/2/201
كان احد مجريي اللقاء هو محرر صحيفة "هآرتس"، وكان مجري اللقاء الثاني هو المراسل السياسي الكبير من صحيفة "هآرتس". وكلاهما مختص من الطراز الاول وذو تجربة كبيرة، وكلاهما حمامة بيضاء خالصة. ومع كل ذلك تجرأ مجريا اللقاء الباحثان عن السلام على أن يطرحا على من أجري اللقاء معه الرفيع المنزلة سؤالا يعتبر اليوم عندنا سؤالا مرفوضا وهو هل يجب أن تبقى اسرائيل دولة يهودية؟ وبصورة مفاجئة أجاب المجرى اللقاء معه المتهرب، جوابا قاطعا قال: "هذا مؤكد". هل مؤكد؟ سأل مجريا اللقاء ذوا الخبرة ثانية. فأجاب مجرى اللقاء معه، مؤكد مقدما تفسيرا واسعا لقرار تاريخي اتخذه المجلس الوطني الفلسطينية قبل ذلك بـ 16 سنة.
ليس من المفاجيء اذا ان جاء العنوان الرئيس في صحيفة هآرتس في 6 حزيران 2004 بكلامه: "عرفات: اسرائيل دولة يهودية". وبناء على الكلام الذي قاله رئيس م.ت.ف في المقاطعة لدافيد لنداو وعكيفا الدار قبل عشر سنوات قالت الصحيفة بصورة قاطعة إن ياسر عرفات "يدرك بيقين ان الهوية اليهودية لدولة اسرائيل يجب أن تبقى".
يزعم امنون ابراموفيتش أن الاعلان الاسرائيلي ينطبق عليه القانون التسعين يوما. وبحسب هذا القانون فان كل نبأ نشر في الماضي لكنه لم ينشر في التسعين يوما الاخيرة، يستحق أن ينشر من جديد باعتباره سبقا صحفيا جديدا. فبمقتضي قانون ابراموفيتش أريد أن أجدد بهذا السبق الصحفي الدراماتي لصحيفة هآرتس فأقول إن عرفات اعترف باسرائيل دولة يهودية. إن قائد الثورة الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية وقائد الكفاح المسلح قبل حقيقة أن اسرائيل دولة يهودية ويجب أن تبقى كذلك.
بعد أن "أعطى" شارون زميلنا يوئيل ماركوس الانفصال باربعة اشهر "أعطى" عرفات زميلينا لنداو والدار الدولة اليهودية. وقام الرمز الوطني الفلسطيني قبل موته بنصف سنة بتحول ايديولوجي وسلم بحقيقة أن هوية دولة اسرائيل اليهودية يجب أن تبقى.
إن الاسابيع القادمة مصيرية لانه ستكون وثيقة كيري أو لا تكون. وستكون موافقة على الاطار المبدئي للتفاوض الاسرائيلي الفلسطيني أو لا تكون. فهل سيحدث آخر الامر شق الطريق نحو السلام، أو يحدث سقوط سياسي قد تكون تاثيراته كارثية. إن الصفقة الموضوعة على الطاولة هي صفقة واضحة وهي دولة يهودية في مقابل حدود 1967. فعلى الفلسطينيين أن يسلموا بالاعتراف بدولة الشعب اليهودي في حين يجب على اسرائيل ان تسلم بحقيقة ان حدود الدولة القومية تقوم على الخط الاخضر.
إن ضغطا كبيرا يستعمل في الليل والنهار على بنيامين نتنياهو لقبول حدود يبغضها. وفي مقابل ذلك يجب أن يستعمل ضغط كبير على محمود عباس ليبذل الاعتراف الذي يرفض أن يبذله ولهذا فان لكلام عرفات الذي يعتبر سابقة اهمية لا نظير لها في هذه الايام.
إن ما أحله أبو عمار لا يستطيع أن يحرمه أبو مازن. يجب على رئيس السلطة الفلسطينية الحالي ان يقول بصراحة ما قاله سلفه بصورة ضمنية. أيكون سلام؟ لن يكون سلام اذا لم يسر عباس في طريق عرفات واذا لم يقل ان اسرائيل دولة يهودية يجب ان تبقى هويتها اليهودية.
نجح جون كيري في الاشهر الاخيرة في ان يفعل غير الممكن. فقد اظهر وزير الخارجية الطموح زعامة وتصميما وابداعا وروح تمسك بالمهمة غير عادي. وقد ادى رئيس وزراء اسرائيل بتأليف مميز بين العصي والجزر والذكاء العاطفي الى اماكن لم يؤمن أحد بأنه يمكن الوصول اليها. لكن ينبغي للوصول الى السلام نفسه استعمال نفس التاليف الخاص بين العصي والجزر والذكاء العاطفي على الرئيس الفلسطيني. وينبغي اليوم في باريس ان يوضع امامه الكلام الذي قاله عرفات لصحيفة هآرتس وأن يُلزم بأن يتبناه.


صدوع في عائلة الجهاد العالمي في سوريا
بقلم: يورام شفايتسر، ليئور البحري وايلان شكلرسكي

نظرة عليا – 20/2/2014
بيان زعيم القاعدة المركزي عن تنكره لمنظمة "الدولة الاسلامية في العراق والشام (المعروفة بالاحرف الاولى بالعربية "داعش") أثار اهتماما اعلاميا شديدا وفاجأ الكثيرين. ولكن الاحتكاكات بين القاعدة المركزية وبين شركائها في طريق الجهاد العالمي ليست مشهدا نادرا، وهكذا أيضا النزاعات في أوساط الشركاء والمؤيدين للمنظمة. وتجدر الاشارة الى أن مثل هذه المواجهة العلنية البارزة اندلعت قبل عدة سنوات بين زعيم القاعدة بن لادن ونائبه في حينه أيمن الظواهري وبين ابو مصعب الزرقاوي الذي أسس وقاد منظمة القاعدة في العراق، والتي نشأت عنها لاحقا داعش.
الاعلان الرسمي، والعلني الحالي للقاعدة لم ينشأ من العدم، بل شكل مرحلة اخرى في التطورات بينها وبين ابو بكر البغدادي، رئيس منظمة داعش. وقد غرست بذور المواجهة في النصف الاول من العام الماضي، عندما أعلن البغدادي بناء على رأيه الخاص، في نيسان 2013 عن توحيد منظمة "الدولة الاسلامية في العراق" وبين جبهة النصرة في سوريا واقامة منظمة باسم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش). وفي الغداة، أعلن قائد جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني بانه يتحفظ من الوحدة وانه لا يعترف بها. وأثار رد الجولاني، الذي أرسله الى سوريا البغدادي نفسه الخوف في اوساط قيادة الدولة الاسلامية في العراق في أن المخلوق ثار على خالقه وأن الجولاني يكفر بصلاحياتهم. ولهذا السبب، فقد قرر قادة الدولة الاسلامية في العراق اقامة منظمة عليا تشرف على عموم النشاط في العراق وفي سوريا من فوق رأس قائد جبهة النصرة.
وحاول زعيم القاعدة المركزي، ايمن الظواهري التوسط بين الطرفين وجند لهذا الغرض المؤيدين لموقفه، بمن فيهم المقرب منه ناصر الوحيشي، زعيم القاعدة في اليمن. وهكذا حاول الظواهري الحفاظ على وحدة الصف وفي نفس الوقت الحفاظ على مكانته العليا كزعيم القاعدة المركزي. وما أن فشلت الاتصالات للمصالحة حتى نشر الظواهري شريطا صوتيا في حزيران 2013 عبر فيه عن ضرورة ان تعمل كل منظمة من المنظمتين في بلاد مستقرها المركزي، أي "الدولة الاسلامية" في العراق وجبهة النصرة في سوريا. ولكن البغدادي اختار بالذات ان يرد من خلال اتخاذ خطوات عملية، لتحقيق نيته العمل في الدولتين معا، وبالفعل منذ منتصف العام 2013 رفع مستوى تواجد داعش في سوريا، وذلك بالتوازي مع التصعيد الكبير لنشاط منظمته في العراق ايضا. وتعبير عن النشاط المتزايد في العراق يمكن أن نراه مؤخرا حين سيطر رجال منظمته مؤقتا على الفالوجا والرمادي في محافظة الانبار غربي الدولة. وفي سوريا أيضا، اصبحت داعش هي المسيطرة بين منظمتي الجهاد العالمي بل ونجحت في السيطرة على عدة بلدات في الشمال أبرزها الرقة حيث يسكن مئات الاف السكان. كما احتل نشطاؤها مناطق اخرى في شمال شرق سوريا، بما فيها اجزاء واسعة من محافظة دير الزور.
على مدى الزمن الذي انقضى منذ بداية اندلاع المواجهة، نشأت خلافات ومواجهات في المنطقة بين رجال داعش وبين محافل المعارضة الاخرى كـ "الجيش السوري الحر" ومقاتلين من الجبهة الاسلامية التي اعلن عن قيامها في سوريا في تشرين الثاني 2013. ووجدت هذه المواجهات تعبيرها في صدامات عنيفة بين رجال داعش ورجال الجبهة، تضمنت تصفيات متبادلة واختطاف نشطاء. وتطورت صدامات مشابهة ايضا بين رجال داعش ورجال جبهة النصرة ووقعت مؤخرا في جنوب الرقة وفي دير الزور.
أساس الانتقاد الذي وجه لرجال داعش عني بسلوكهم الوحشي تجاه السكان المحليين ومحاولتهم فرض قوانين الشريعة على السكان المحليين. ووجد هذا السلوك تعبيره بالعقاب الشديد لمن شذ عن تفسيرهم المتشدد لقوانين الاسلام، في الفرض المتشدد للزي الاسلامي الكامل للنساء، منع التدخين وعزف الموسيقى على الملأ. وفي كانون الاول 2013 في مقابلة علنية اولى منحها لـ "الجزيرة" تحفظ زعيم جبهة النصرة من طرائق داعش وادعى بان نشاطها اجرامي وكافر. ولم يتأخر رد داعش ونشر ناطق بلسان المنظمة شريطا هدد فيه بسحق معارضي طريق المنظمة بل وعرض جائزة مالية لكل من يقطع رأس مقاتل من المنظمة المنافسة. وفي ضوء استمرار الانتقاد الجارف على منظمته، نشر البغدادي ايضا منشورا دافع فيه عن رجاله بدعوى أن المنظمة بقيادته تمد اليد للمصالحة وان رجاله يفعلون كل شيء كي يحموا المسلمين ضد اعدائهم فيما أن اساس قتالهم موجه ضد اعداء الاسلام الكفار الشيعة في العراق وفي سوريا. وفي محاولته ابراز مكانته كزعيم محافل الجهاد العالمي ومنع اتساع الشرخ في صفوفهم دعا الظواهري، في تسجيل صوتي نشره في كانون الثاني 2014 الى وقف العنف بين المنظمات الاسلامية التي تقاتل الاسد واقامة مجلس يجسر الخلافات استنادا الى مبادىء الشريعة والفقه الاسلامي. ولكن يبدو أن في هذه المرحلة لا يعتزم البغدادي الاستسلام لاملاءات زعيم القاعدة. ثقته بنفسه عظيمة – عقب النجاحات التي سجلتها داعش في العراق وفي سوريا في الفترة الاخيرة، وايمانه بعدالة طريقه كمن يطيع الطريق الذي رسمه النبي محمد. ووجدت هذه الثقة بالنفس تعبيرها في التصريحات العلنية التي قال فيها انه بين التعليمات التي يصدرها الانسان (وهو يقصد قرارات الظواهري) وبين التمسك بطريق النبي، الذي يمثله هو ومنظمته نصا وروحا، فان الاختيار واضح.
للحرب الداخلية الضروس بين محافل المعارضة وعلى رأسها المنظمات الاسلامية آثار سواء في سوريا أم في الغرب. أولا، الانشقاق المحتدم بين المنظمات السلفية، التي هدفها الاولي كان التركيز على القتال ضد الحاكم السوري بشار الاسد والان تكرس معظم جهودها للقتال الداخلي في ما بينها، يخدم الرئيس السوري. ثانيا، المواجهة داخل المعسكر السلفي – الجهادي يشكل بالنسبة للدول الغربية فرصة لمحاولة ضد التهديد المتعاظم، الذي يتراكم ضدها من جانب محافل الجهاد العالمي، التي تترسخ في سوريا وتهدد بالانطلاق منها في المستقبل نحو ارجاء العالم. ويتيح هذا الشقاق المرير والضغينة بين نشطاء هذه المنظمات أرضا واسعة وخصبة لاعمال التجنيد، الدعاية المضادة بل واستغلال المواجهة الداخلية لاضعافها واستنكار صورتها في نظر المتجندين المحتملين الجدد الى صفوفها. ولكن رغم أنه في هذه المرحلة لا يبدو ان هذه المواجهة الداخلية وصلت الى حرب اهلية شاملة ورغم الصورة البراغماتية نسبيا لجبهة النصرة في وسائل الاعلام العالمية مقابل خصمها المتوحش من العراق، نوصي الا نخطيء فنعتقد بان وحدة الرؤيا لهذه المنظمات قد تضررت. فالمنظمتان تنتميان الى ذات التيار الفكري وترضعان من ذات المصادر الايديولوجية. وخطتهما الاستراتيجية بالنسبة لرؤيا اقامة دولة شريعة اسلامية على طراز طالبان – مماثلة. الفارق هو بالاساس في استعداد جبهة النصرة لان تؤجل، في هذه المرحلة، لاعتبارات الراحة، المعركة الحقيقية على طابع الشريعة لسوريا الى موعد لاحق بعد أن يحسم الصراع مع الرئيس الاسد.
ان متابعة شكل تطور المعركة بين المنظمات كفيلة بان تساعد اسرائيل ايضا في الاستعداد على نحو افضل لمواجهة التحدي المرتقب لها من تواجد ونشاط نحو 30 الاف نشيط جهادي عالمي على حدودها ويشكل حسب رئيس شعبة الاستخبارات افيف كوخافي واحدا من التهديدات الاربعة المركزية للامن القومي لاسرائيل في السنة القادمة.

لم يعد حتى العربي الميت صالحا
بقلم: جدعون ليفي
هآرتس –20/2/2014


السلام عليكم ومساء الخير، هنا النشرة المركزية لاخبار القناة الثانية. اليكم نشرة الاخبار واهم ما فيها انها مخصصة لليهود فقط. فهي لاجلهم وواضح انها لاجلهم تشارك مشاركة فاعلة في كل الحملات السافلة لسلب الفلسطينيين في المناطق انسانيتهم – وهذا واضح منذ زمن – وعرب اسرائيل ايضا. هل تريدون مثالا واحدا من امثلة كثيرة؟ انه النشرة المركزية في يوم الاثنين من هذا الاسبوع.
وقعت كارثة في عكا فقد انفجرت انبوبة غاز، هلكت 5 أرواح وفنيت عائلتان وخرب بيت قديم. فهل تتحدث النشرة المركزية عن ذلك، من المؤكد انها ستتحدث عنه بل سيعلن ذلك في بداية الاخبار. لكن لننتقل الآن الى الاخبار بتوسع: ان النشرة بلغت الى الكارثة بعد مرور ثلاثة (!) مواضيع اخرى فقط وبلغنا الى الكارثة في الموضوع الرابع فقط. سنحدثكم اولا عن اشياء اهم واكثر اثارة للعناية: تقرير "عجيب" يأتي هذا المساء عن تجار سلاح من بنيامين باعوا ايران قطع غيار "باهظة الكلفة"؛ وسنحدثكم عن الصداقة بين شولا زاكين واهود اولمرت التي اخذت تتصدع؛ وعن مُدبر البيت في منزل رئيس الوزراء الذي يهدد بأنه سيكشف عن تفاصيل محرجة. فقد استقر رأي محرري النشرة على ان تسبق هذه السخافات الثلاث، ان تسبق الكارثة. لماذا؟ هذا سؤال جليل. سنجيب عنه بصورة قاطعة: لان ضحايا الكارثة في عكا عرب. انتم بشر في الحقيقة بل انتم مواطنو الدولة لكنكم عرب.
ومن أين جاء هذا القطع؟ لانه وقعت قبل ذلك بشهر كارثة مشابهة جدا. وكانت كارثة غاز ايضا وسقط قتلى آنذاك ايضا، عائلة واحدة وثلاثة اشخاص لكن ذلك كان في حي غيلو في القدس اليهودية لا في عكا العربية وكان الضحايا منا، واطلقت قذيفة صاروخية في ذلك المساء على ايلات فأدى المراسل العسكري تقريرا قصيرا عن "الميدان" – فالامن يسبق الكارثة – وانتقلنا بعد ذلك فورا الى الكارثة اليهودية بتوسع فكان ربع ساعة من التقارير الصحفية التي تمزق القلب.
لا يعني هذا ان نشرة الاخبار المركزية لا تحب الكوارث، بالعكس. ان المآسي عملها الاساسي وان التوقيع الهزلي على المشاعر فطري في مورثاتها الجينية. فحينما تسمم الاولاد الاربعة في القدس في كارثة المبيدات الحشرية، كانت نشرة الاخبار المركزية تؤدي في كل يوم تقريرا عن وضع الناجيين، مستنزفة دمع العيون بقدر استطاعتها. وكان حديث عن النذر "السوء" والبشائر "الفضلى"، وكان شعب كامل يقف تنفسه بامر من نشرة الاخبار. وكان كل تغيير في وضعهما الطبي يؤدى فورا ببث حي من عند مدخل المستشفى. حرر اسحق من جهاز التنفس وفتح اخوه يعقوب عينيه، وياللسعادة الوطنية. كانا يهوديين وما كان يصعب أن نتخيل كيف كانت تكون التغطية الاعلامية لولا هذه الحقيقة.
ان الامر كله في التحرير. فمحررو النشرة يحددون لكم في كل مساء ما هو المهم وما هو المثير للعناية، وبناءا على ذلك يقررون ما الذي يؤدى التقرير عنه وكم ومتى في الاساس: من الاهم والاكثر اثارة للعناية فما دون ذلك. ان كارثة عكا مثلا هي الرابعة في اهميتها واثارتها للعناية – بعد صفقة السلاح الصغيرة العجيبة ومُدبر البيت المهدد والعلاقات بين رئيس الوزراء السابق وأمينة سره. ان كل ذلك اهم عندكم واكثر اثارة لعنايتكم من الكارثة في عكا – هكذا قرروا من اجلكم.
فما الذي يستنتجه المشاهد الاسرائيلي في مساء يوم مرهق؟ يستنتج ان حياة العرب ومنهم مواطنو دولته اقل اهمية واثارة للعناية وارخص كثيرا. لو كان الحديث عن زلة في التحرير عرضية لمرة واحدة لما وجدت حاجة الى اجهاد النفس، لكن الحديث عن نهج مغروس عميقا جدا وهو ينقل رسائله الخفية الى المشاهدين اليهود لكنه يقول للمشاهدين العرب ايضا شيئا ما عن منزلتهم في سلسلة غذاء الاخبار، هي منزلتهم في المجتمع. وقتل عربي في يافا؟ ليس ذلك خبرا. أقتل عربي على مبعدة مئات الامتار شمال مدينته وعلى مرأى من مئات اليهود في يوم السبت المقدس؟ مُفتتح النشرة.
هكذا يصوغون الوعي وهكذا يربون شعبا ويشكلون برنامج عمل له. وهكذا ايضا يحرضون بصورة بغيضة دون أن يتركوا أدلة جنائية حتى لم يعد العربي الميت عربيا صالحا (لنشرة الاخبار المركزية).

معاريف – مقال - 20/2/2014
لنشطر النووي الايراني
بقلم: آفنر غولوب
باحث في معهد بحوث الامن القومي

جون فورباس ناش، رياضي واقتصادي أمريكي، حائز على جائزة نوبل، ثبت مفهوم "نقطة توازن ناش". ويصف هذا المفهوم حالة خصومة، ليس مجديا للطرفين فيه العمل على تغيير الواقع. يخيل أن ايران والولايات المتحدة نجحتا في الاقتراب من نقطة التوازن من خلال الاتفاق المرحلي الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الماضي، والذي يبطىء التقدم الايراني نحو القنبلة النووية ويوفر تخفيفا ضيقا عن اقتصادها. ويرمي هذا الاتفاق الى السماح بنصف سنة من المفاوضات. ومع ذلك، فان منظومة العقوبات الدولية ضد ايران لا تزال تفصل بينها وبين واقع التوازن. فالمواجهة التالية بينهما ستحسم مصير العقوبات وتقرر اذا كانت الدولتان ستواصلان التحرك نحو نقطة التوازن او تبتعدان عنها.
يثبت الاتفاق ايران كدولة حافة نووية، القادرة على ان تطور قنبلة نووية في غضون اشهر، اذا ما قررت ذلك. وقد كان هذا هو الهدف الاستراتيجي الايراني في العقد الاخير، ويخيل ان اتفاق جنيف يعترف بذلك. وبالتوازي انقذ الرئيس روحاني ايران من العزلة الدولية التي ألمت بالدولة في اثناء ولاية احمدي نجاد. ومن خلال اصلاح نقاط الخلل التي انتجتها الحكومة السابقة ادخل ايضا روح من التفاؤل الى الاقتصاد الايراني تجد تعبيرها في الاشهر الاخيرة في ارتفاع قيمة الريال، ارتفاع الاسعار في البورصة الايرانية وانخفاض معدل التضخم المالي.
يكاد الايرانيون يكونون راضين، ولكن يتبقى عليهم أن يتصدوا للعقوبات الدولية التي تواصل اثقالها على اقتصادهم. وعليه فبالتوازي مع المداولات الدبلوماسية، سيحاولون ان يتجاوزوا وان يقوضوا منظومة العقوبات من خلال تصعيد التجارة مع قوى عظمى اقتصادية كالصين، روسيا، الهند وتركيا.
ورغم كل ذلك، يخيل ان واشنطن هي الاخرى راضية عن الواقع الذي انتجه الاتفاق المرحلي: من حيث أنه لاول مرة منذ عقد نجحت الادارة في وقف التقدم الايراني، وفي نفس الوقت الحفاظ على منظومة العقوبات الدولية – رافعة الضغط الاساس على ايران. ولكن يخيل أن واشنطن هي الاخرى تفهم بان تحدي الاحتفاظ بالعقوبات سيكون اصعب. فمنذ اليوم، بينما يعلن الدبلوماسيون الامريكيون عن انجاز حفظ العقوبات، تبذل الولايات المتحدة جهودا جمة كي تفرضها وتردع شركات تجارية ودول اخرى من تقويضها. "المعركة على العقوبات" ستكون الساحة المركزية بين الولايات المتحدة وايران، وستبذل فيها جهود عديدة من جانب الدولتين.
في القدس يفحصون التطورات ويتعرفون على الواقع البشع: حلفاؤهم الامريكيون والايرانيون على حد سواء نجحوا في التقدم نحو واقع مستعدون للتسليم به وهو افضل في نظرهم من امكانية المواجهة العسكرية. اما في تل أبيب فيحذرون من أن حفظ القدرات الايرانية الحالية سيسمح لايران بانتاج سلاح نووي، حين تشاء ذلك، دون ان يتمكن الغرب من اكتشافه ومنعه عنها.
سيكون التحدي الاسرائيلي هو ابعاد الدولتين عن نقطة التوازن التي تتقدمان نحوها. وبوسع اسرائيل أن تفعل ذلك من خلال التهديدات بالهجوم، بواسطة "جزر" تعرضها على واشنطن كي توافق على تشديد الضغط على ايران، وكذا المطالبة بتفكيك عناصر مركزية في البرنامج النووي العسكري لديها، وهكذا تضمن الا تترسخ ايران عميقا داخل مجال الحافة النووية. ومن اجل الحفاظ على نجاعة الروافع الاسرائيلية يجب حفظها في غرف المداولات مع الحلفاء الامريكيين وتقديم تفكير ابداعي، ولا سيما بالنسبة "للجزر" التي يمكن لرئيس الوزراء نتنياهو أن يعرضها على الرئيس اوباما.

الدولة التي لا تستطيع القرار
بقلم: اوري مسغاف

هآرتس –20/2/2014

سيقولون عن رئيس الحكومة ليفي اشكول انه حينما كان يسأل أتريد أن تشرب شايا أم قهوة، كان يسأل: أيمكن نصف شاي ونصف قهوة؟ وفي هذا ما يدل على اثنتين من صفاته الطيبة وهما البراغماتية السليمة وحس الدعابة السليم. لكن في ذلك ايضا اشارة الى عدم بت القرار. وهكذا يمكن ان نصف اسرائيل الرسمية بانها دولة عدم بت القرار. ان الذي قد يحتمل باعتباره دعابة بالقرب من ركن المشروبات الساخنة يصبح مدمرا في الواقع.
ان حالة اخلاء المباني الخمسة في تل الاولبانة بالقرب من بيت ايض التي يتابعها حاييم لفنسون في صحيفة هآرتس هي مثال ممتاز. فالحديث عن "اخلاء طوعي"، ويوجد الكثير من الارادة الطيبة في هذه القصة من قبل الدولة بالطبع. فقد كان الحديث في البداية عن حل لا يصدق لحماقته وهو نشر المباني ونقلها الى اراضي المستوطنات "القانونية". وحينما أهملت هذه الحماقة في مرحلة ما بدأت الحكومة تحول الى بيت ايل رسوم صمت بلغت ملايين الشواقل لاهداف مختلفة غريبة. وكشف في هذا الاسبوع عن انها خططت لاربعة مباني عامة اخرى تقدر كلفتها بـ 20 مليون شيكل.
ان كل هذه النفقة تتم في منطقة ستخلى وتسلم الى الدولة الفلسطينية في كل اتفاق سياسي يكون، وفي مستوطنة يتمتع سكانها ايضا بمكانة اجتماعية اقتصادية عالية وانعامات كثيرة. وهذا في ظاهر الامر جنون لكنه في واقع الامر منطق خالص في دولة قررت ألا تقرر ماذا تفعل باراضي الضفة الغربية التي احتلتها حكومة اشكول في 1967. فهي لا تخليها لكنها لا تضمها اليها ايضا. وهي لا تمنح سكانها الفلسطينيين جنسية وحقا في الاقتراع للكنيست لكنها لا تمنعها ايضا من مستوطنين يهود اختاروا السكن بين اولئك الفلسطينيين.
ان عدم القدرة على القرار ليس النتاج اللازم للحذر والتردد. فهناك داع الى الحيرة والى تقدير الامور قياسا بقضايا وطنية مصيرية. لكن حينما تصبح معضلة ابدية يكون الحديث عن شلل. ويكفي ان ننظر في السلوك الحالي في مفترقات قرار استراتيجي مثل عدم المساواة في عبء الخدمة العسكرية الذي كان يصاحب المجتمع في اسرائيل منذ تأسيسها. ان الدولة تواجه طريقين في ظاهر الامر: إما الاصرار على وجود الجيش الاسرائيلي جيشا للشعب بفرض التجنيد الا لزامي الشامل الحقيقي وإما الاعتراف بعدم قدرة وعدم ضرورة هذا النموذج وتحويل الجيش الاسرائيلي الى جيش مختص مع أو بغير مسارات خدمة مدنية موازية. لكن كل هدف اللجنة التي انشأها الائتلاف الحكومي هو تثبيت الطريق الثالثة التي هي القرار على عدم القرار.
ويصح هذا ايضا على نموذج الطب المراد. أيكون خاصا أم عاما. ان ازمة هداسا هي المقدمة فقط وإن تكن مقدمة ملخصة جدا (انه مستشفى عام بملكية خاصة سمح لاطبائه ان يقدموا خدمة طبية خاصة في داخله). فقد اتيحت للجنة غيرمان فرصة ذهبية تاريخية فهي تستطيع ان تبالغ في السير وان تؤمم المنظومة كلها مرة اخرى أو تطلب على الاقل الفصل المطلق بين الطب العام والخاص. لكن يمكن الاعتماد على اعضائها كي يكتفوا بـ "ترتيب" المسارين أي بعدم القرار.
ان هذا السلوك يمثل في الاساس عدم وجود الزعامة. لانه حينما سجلت هنا وهناك اعمال زعامة شجاعة في مقابل الحيرة كانت الثمرات واضحة وفورية (دافيد بن غوريون والمدفوعات الالمانية، ومناحيم بيغن والسلام مع مصر، واهود باراك والانسحاب من لبنان). لكن قد تكون تغلي تحت السطح خطيئة فكرية قديمة هي ذلك التناقض المملوء بالارادة الخيرة لدولة يهودية وديمقراطية، نصف شاي ونصف قهوة.

اللاسامية خلف العرض الاسباني
بقلم: غي بخور

يديعوت –20/2/2014

قرار الحكومة الاسبانية، الذي تنضم اليه البرتغال ايضا في منح الجنسية لانسال اليهود الذين طردوا من نطاقهما، مصاب باللاسامية – ليس أقل. على هاتين الدولتين ان تسحباه حفظا لشرفهما.
نذكر الخلفية. في مرسوم أصدره في 1492 الملك فرديناند والملكة ايزابيلا، طرح على نحو 700 الف يهودي اسباني خيار يجمد الدماء: إما التنصر أو الطرد. وقد اختار الاغلبية الساحقة منهم ترك اسبانيا، بلا أملاك وبلا مستقبل. قبل الثنائي الملكي لم يكن يرتبط باليهود بل باسبانيا وحدها، بمصالحها، بالاعيبها، وهكذا ايضا الان. مفهوم انه ليس هناك اي ندم او تعويض في قرار الحكومة الاسبانية. فاليهود هم مجرد حجارة شطرنج، اناس بلا هوية واسم تحت سيادة اسبانيا.
من بقايا الفهم اللاسامي الكلاسيكي هو أن اليهود أقوياء ويسيطرون على العالم، وبالتأكيد على الاقتصاد العالمي، فلهذا من المجدي اعادة بعضهم لانقاذ الاقتصاد المنهار لاسبانيا والبرتغال. غير أن هاتين الدولتين تنسيان بانه منذ القرن الـ 15 حصل شيء ما. لليهود توجد قومية خاصة بهم، وقامت دولة اسرائيل، دولة الشعب اليهودي. لم يعودوا قطيعا يمكن طردهم او اعادتهم كما يشاء جلالة الملك. هم قومية، ولهم وطن، وهو بالتأكيد ليس اسبانيا، التي حتى اليوم لم تواجه ماضيها اللاسامي.
ليس أقل من 10 الاف يهودي احرقوا وهم احياء على المحرقة في اسبانيا، بادعاءات مختلفة، ناهيك عن اضطهاد اليهود الذين اضطروا الى تغيير دينهم. مئات السنين اضطهد فيها وفي البرتغال "المغتصبون" اولئك الذين البائسون الذين اجبروا على تغيير دينهم. فمن اجل اختبارهم كانوا يجبرونهم على أكل الجنزير امام المسيحيين، البصق على الكتب المقدسة اليهودية، ولم نبدأ بعد بذكر الحكم الرهيب لمحاكم التفتيش: الوشايات، التعذيب، الاعدامات الجماعية، لم يُنسَ شيء.
خطوة من أجل اليهود؟ يكفي الاشارة امام حكومة اسبانيا اليوم لدعمها المالي لمنظمات مقاطعة سامة ضد اسرائيل ومؤيدة للعرب، تقاتل ضد وجود دولة اليهود. حكومة اسبانيا هي احدى الممولين الكبار للكفاح ضد اسرائيل، ظاهرا باسم "حقوق الانسان". انها اسبانيا، التي لم تواجه بعد ماضيها الاسود مع اليهود، هي التي تروج لحقوق الانسان. في ذروة الازمة الاقتصادية هناك، يوجد مال بالذات للكفاح ضد اسرائيل، وعلى الجمهور الاسباني ان يعرف على ماذا تبذر أمواله. فتجاهل بلاد اليهود في عرض الجنسية، يرتبط فقط باللااسرائيلية البغيضة.
وماذا عن المسلمين؟ عن حق صدرت صرخة لدى انسال المسلمين ممن طردتهم اسبانيا من نطاقها، "المورسكوس" الذين اجبروا بداية على التنصر وبعد ذلك طردوا تماما في العام 1609. فلماذا لا تعاد لهم الجنسية الاسبانية؟ لماذا لليهود فقط، واين المساواة حقا؟ يكفي أن نشير الى أن أنسال المورسكوس يعدون ما لا يقل عن 10 مليون عربي، يعيش معظمهم اليوم في شمال افريقيا، وهم ايضا بالتأكيد يجب "ان يعودوا" الى اسبانيا والبرتغال.
وأخيرا، هل الحكومة الاسبانية تؤمن حقا بان يهوديا واحدا "سيعود" الى اسبانيا؟ الى الدولة المحطمة واليائسة، مع 30 في المئة بطالة، نصف مليون من سكانها يهاجرون منها في السنة، ونصف مليون مسلم يدخلون مكانهم؟ في أقصى الاحوال سيكون هناك من يأخذ من بعيد جواز سفر الاتحاد الاوروبي.
وعليه، يا مواصلي درب فرديناند وايزابيلا، نحن لسنا في العام 1492، ولديكم مشاكل وجودية حقيقية. عهود السيادة انتهت. دعكم منا.

علامات سؤال حول المانيا
بقلم: زلمان شوفال

اسرائيل اليوم –20/2/2014

ان "المانيا الاخرى"، التي عرفناها في الـ 65 سنة الاخيرة توشك ان تتغير الى احسن أو الى اسوأ. ان المانيا "الاخرى" كما سمت نفسها كي تبعد نفسها عن ماضيها الفظيع ما كانت لتحظى في عصرنا باستقلالها من جديد بهذه السرعة الكبيرة لولا الحرب الباردة واستقرار رأي امريكا على جعلها لاعبة فاعلة في الصراع بين الكتلتين. وقد لاءم هذا الدور ايضا اهداف المانيا نفسها ما عدا الجانب العسكري لانه بعد التاريخ الدامي في الحربين العالميتين اراد الالمان ان يتحرروا من الصورة العسكرية.
تبين على مر السنين ان التمايز الالماني في الشؤون الامنية والسلبية الجزئية في مجال السياسة الخارجية ما عادا يلائمان حقيقة تحولها بالفعل الى قوة من القوى العظمى لا في الساحة الاوروبية فقط. وقد افضت سياسة اوباما الدولية وانطباع ان امريكا تبتعد عن الساحة الاوروبية وعن تدخل زائد في ميادين اخرى، افضت الى ان بدأ يتشكل في المانيا وعي انه يجب عليها ان تغير من عاداتها السابقة في موضوعي الخارجية والامن.
صدرت الاشارة المهمة الاولى عن رئيس المانيا، يواكيم غاوك، في خطبته في مؤتمر الامن في ميونيخ هذا الشهر حينما قال: "هناك اشخاص يستعملون ذنب المانيا في الماضي حجة للامتناع عن الاعمال والكسل". ان الرئيس في الحقيقة لا يقرر سياسة لكن ينبغي ان نفرض انه لم يقل ذلك من فراغ؛ وقد صدرت عن وزير الخارجية الالماني الجديد الاشتراكي الديمقراطي فرانتز – وولتر شتاينماير، اقوال مشابهة في خطبته وزعم انه لا يجوز ان تكون المانيا "خارج الملعب" في مواضيع سياسية. وتبين شيء مشابه في كلام وزيرة الدفاع الجديدة المقربة من المستشارة انجيلا كيركل، وقد نرى في الاشهر القريبة خطوات محددة لتوسيع قاعدة الجيش الالماني – من جهة قدراته العملياتية ومن جهة امكانات استخدامه.
يمكن من جهة مبدئية ان نرى هذا التحول في ضوء ايجابي. لان العالم الحر وفيه اسرائيل يجب ان يتقبل بالمباركة امكان ان تؤدي المانيا اليوم دورا اكثر فاعلية في الشؤون الخارجية والامنية. لكن الامر مخلوط بالشر ولا سيما بالنسبة لاسرائيل. لا فيما يتعلق بذكريات الماضي فقط: إن العلاقات بين برلين والقدس هي على نحو عام طيبة، بل طيبة جدا. ويشمل ذلك مواضيع امنية محددة لكن لا يمكن ان نتجاهل اشارات تثير التفكير فيما يتعلق بجملة العلاقات الخاصة بين المانيا واسرائيل واشارات الى تغييرات سلبية تتعلق بالمسؤولية الاخلاقية والعملية للشعب الالماني نحو الشعب اليهودي.
كان يمكن مثلا ان نتوقع ان تؤدي المانيا دورا مركزيا فاعلا في مواجهة مبادرات مقاطعة اسرائيل لكنها تعمل في واقع الامر احيانا في اتجاه معاكس (وتشهد على ذلك "فشلة" مارتن شولتس في خطبته في الكنيست برغم أنه لم يتعمدها). بل يبدو انه حتى ميركل برغم انه لا ينبغي ان نشك في التزامها بامن اسرائيل، تفسر هذا الالتزام احيانا بانه "انقاذ اسرائيل من نفسها" – أي الاعتراض بلغة فظة احيانا على سياسة حكومتها المنتخبة. ويمكن ان نتذكر المستشار هلموت شميدت في سبعينيات القرن الماضي الذي زعم ان الكارثة لانها افضت الى انشاء دولة اسرائيل فان لالمانيا التزاما للفلسطينيين الذين يدفعون ثمن ذلك (وتكررت هذه اللغة بالمناسبة في خطبة اوباما في القاهرة). وسيكون لسؤال بأي قدر وبأي اتجاه ستصبح المانيا منذ الآن "مختلفة" ستكون لذلك اذا اثار بعيدة المدى – على اسرائيل ايضا.

لا تخطئوا – بوتين ينوي أن ينتصر
بقلم: بوعز بسموت
اسرائيل اليوم –20/2/2014

ان رئيس اوكرانيا، فكتور ينوكوفيتش، هو المسؤول الرئيس عن الاضطرابات الدامية في بلاده. بيد ان عجز واشنطن والاتحاد الاوروبي في هذه الازمة المتواصلة منذ اسابيع، لا يزيدهما كرامة بل يجعلهما ايضا مسؤولين عما يجري في الدولة التي كانت تنتمي في الماضي الى الاتحاد السوفييتي. كانت اوكرانيا منذ كان استقلالها في 1991 منقسمة: فهي يصعب عليها ان تقرر هل تفضل ان تتحدث اللغة الاوكرانية وان توالي الغرب أم تتحدث الروسية وترتبط بموسكو كما كانت ذات مرة. وان المعركة الحالية بين التيارين في ذروتها حقا وان قوتها تثبت قوة الاستقطاب في اوكرانيا. منذ 11 تشرين الثاني حينما استقر رأي كييف على أن توقف فجأة الاتصالات للاتفاق على ارتباط بالاتحاد الاوروبي وزيادة العلاقات الاقتصادية بموسكو، تحولت اوكرانيا الى دولتين مع علم واحد.
ان اللهب في ميدان الاستقلال المشتعل في كييف بلغ كما نفترض الى سوتشي. وما كان رئيس روسيا بوتين أن يبلبل فيظن ان مصدر النار التي يراها الشعلة الاولمبية. في يوم الاحد القريب بعد ان تنطفيء شعلة سوتشي سيهتم بوتين بأن يطفيء ايضا حريق اوكرانيا بصورة اقل رياضية.
تهدد اوروبا (فرنسا والمانيا وبولندة) بعقوبات. ويفضل بوتين كما كانت حال الازمة في جورجيا ان يهدد بالقوة اذا رأى ان الامور في كييف تخرج عن السيطرة. فبعد ان خسرت موسكو شرط اوروبا ودول البلطيق لصالح الغرب لا تنوي التخلي عن اوكرانيا التي هي حيوية في خطة بوتين الاستعمارية الجديدة التي تسمى "اورو – آسيا".
ان الضحايا الـ 26 في اضطرابات كييف أول أمس دليل على فشل محاولة توسط واشنطن والاتحاد الاوروبي. وقد زارت آشتون، المسؤولة عن ملف الخارجية في الاتحاد الاوروبي، ونائبة وزير الخارجية الامريكي فكتوريا نولاند، زارتا كييف مرات متوالية مؤخرا والتقتا مع الرئيس فكتور ينكوفيتش.
ان المعسكرين اليوم في اوكرانيا: النظام والمتظاهرين، لا يعتمدان على اوروبا والولايات المتحدة وهو شيء يجعل قدرتهما على الحيلة في الازمة صعبة جدا.
اختار الاتحاد الاوروبي للحفاظ على الثقة به أمس ان يزيد في حدة اللغة. ان مشكلة موالي الغرب في اوكرانيا هي ان الغرب لن يفعل شيئا سوى التهديد بالعقوبات. لكن موالي روسيا في اوكرانيا يمكن ان يتوقعوا من الروس اكثر من ذلك بكثير. وهذا يمنحهم ميزة كبيرة بالطبع.
ان قادة المعارضة في اوكرانيا لن يخرجوا ابرياء من هذا الشأن فهم لم ينجحوا في الجمع بين التيارات المختلفة التي اجتمعت معا في ميدان مايدن وان يجدوا استراتيجية ناجعة لمواجهة النظام.
ان بوتين في هذه المرة ينوي ان ينتصر وان يملي ارادته كما حدث بالضبط في الازمة في سوريا والقضية الذرية الايرانية. فهو مثلا قد وعد اوكرانيا بـ 15 مليار دولار وسيحول 2 مليار دولار على الحساب. فما الذي فعله الاوروبيون والامريكيون منذ ذلك الحين لاجل المعسكر الغربي في اوكرانيا؟ وعلى العموم فان هذا الامر كله يجعلنا نتساءل عن مقدار قراءة اوروبا للخريطة بصورة صحيحة في المدة الاخيرة؟ اعلنوا في الاتحاد مؤخرا فقط انهم يرون ان روسيا "شريكة استراتيجية"... أحقا؟.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: