ما هو المقلق في كلام عاموس عوز؟
Thu, 05/15/2014 -
بقلم: أيريس لعال
سمى عاموس عوز زعران شارة الثمن في ساعة أصيل جميلة في يوم من ايام الجمعة، سماهم ‘نازيين جدد’. وهز جمهور الحضور رؤوسهم متجهمي الوجوه. فهل تذكر أحد منهم كيف وجِل عوز حينما سبقه البروفيسور إشعياء ليفوفيتش الى تسميتنا ‘يهود النازيين’ بل سارع الى أن يعد في جزم البروفيسور في مقالة مضادة بأنه يوجد حد لوحل يكون شخص مثله مستعدا لطرحه على وجهه؟.
ليس الحديث عن نفاق عوز ولا عن تطرف جرى عليه على مر السنين. إن الواقع هو الذي تغير وينبغي أن نعلق الفرق بسبب تفاوت السنين بين ‘اليهود النازيين’ لليفوفيتش و’النازيين الجدد’ لعوز على مزاج هذين الرجلين المختلف. فقد أراد البروفيسور ليفوفيتش أن يكون مرآة ناصعة قاسية بازاء الثقافة الاسرائيلية المشغولة بصورة مريضة بصورتها في تراتب الاخلاق العالمية، وبازاء سؤالها المشحون بالبهجة المكرر، ‘أيتها المرآة على الحائط أي أمم العالم كلها هي الأجمل والأكثر اخلاقا وانسانية؟’، شعر ليفوفيتش بحاجة الى أن ينبح قائلا: ‘لا علم عندي أيتها الكلبة، لكن ليست أنت!’.
ويبدو أن باعث عوز كان وما زال مختلفا تمام الاختلاف. فتأييده للمشروع الصهيوني وللمجتمع الاسرائيلي ايضا كان عميقا جدا بحيث قبل على نفسه في واقع الامر الدور المنكر للجميل وهو أن يكون قناع الوجه الشفاف في مرآة ليفوفيتش المصقولة. ولهذا سعى بقدر استطاعته الى تحسين مرآته وما ينعكس فيها، أو بعبارة اخرى كان مراقبا لبيت اسرائيل بقدر أقل وكان من بيت اسرائيل بقدر أكبر.
وها هو ذا عوز قال ما قال في محفل هو ساحة اليسار الفقير على اختلاف أجياله. وقال كلامه في حضرة حشد من الناس من المؤكد أنهم يعدون أنفسهم مناصرين كبارا لحقوق المواطن ويؤيدون تماما تماما دولتين للشعبين، ويعتقدون أن من العار ما يفعلونه بطالبي اللجوء ويحرصون كالمجانين على يوم الاثنين دون لحم؛ وهم ناس يعيشون كثيرا في الأطراف ولا يضعون في صناديق الاقتراع سوى ورقة ‘ميرتس′ وخزائن كتبهم مليئة بالجواهر وعلامات الطريق لأنهم بعيدون بقدر الممكن عن طبقة الرعاع التي تسكن في أحياء عميدار.
هل قام الجمهور المجتمع الشاحب وفر من المكان خشية القنبلة الخطابية التي رُميت في حضنه؟.
إن الجواب بـ لا غير مفرح. حينما قذفنا ليفوفيتش بكلام مشابه وجِلنا. وإنها لتكون ساعة قاسية اذا تجرأ عاموس عوز أن يُسمع أذننا الجماعية هذا الكلام ولم يجمد الدم في العروق. واذا كان عوز قد تجرأ ونعت تلك العصبة المهينة (التي حاول كثيرون ومنهم هو نفسه أن يحاوروها حوارا مفتوحا) نعتها بـ ‘النازيين الجدد’ فذاك لأنه يؤمن بأننا بصفتنا مجتمعا نستطيع أن نثبت لذلك لأننا باعتبارنا مجتمعا أصبحنا عالمين بذلك منذ زمن.
إن عوز بكل كيانه العام والأدبي لم يؤمن قط بتحدٍ متطرف للجهاز الوقائي للمجتمع الاسرائيلي. فهو شخص حواري في جوهره، ويبدو أنه ظن أن النشوء الفوري لعدم الارتياح ردا على الحقيقة القاسية لم يُفد أي أحد. ويبدو لي ايضا أنه يؤمن بأن التصريحات المتحرشة هي صبيانية في جوهرها وأنه لا يريد بأي حال من الاحوال أن يصيب بالاغتراب أكثر المجتمع الذي يتحدث إليه والذي يمثله. إن عاموس عوز شخص معتدل كما قلنا من قبل. ولا يتغير المزاج ايضا حينما يسأل على نحو حُر اسئلة نبي غضب غير قادر على أن يضبط نفسه.
ولهذا اذا كان شخص مُصغ حاد النظر مثله قدّر أن كلامه لن يثير الرد الذي أثاره كلام ليفوفيتش في حينه، واذا كان قدّر أننا أصبحنا منيعين في مواجهة الكراهية الذاتية التي يمكن أن يثيرها مثل هذا الكلام، فليس عندنا سوى أن نستنتج أن ذلك لأنه يُقدر أن شيئا ما قد تغير بحيث لم يعد يُعرف في تسامح المجتمع الاسرائيلي مع معرفة قسوته بعد سنوات من التدريب وأن شيئا ما جوهريا قد تغير ايضا في تصور أوغاد ‘يشع′ الذي يدور حول نفسه.
يجب أن يصيب الوجل الخالص كل من يفهم أن النازيين الجدد الذين تحدث عنهم عوز لن يصابوا اصابة بالغة بهذا النعت. بل قد يكون بريق رضا ذاتي، رضا يستمده الانسان من عمل عُمل على أحسن وجه، ويضيء حدقات أعينهم القاتمة حينما ينظر بعضهم الى بعض وكأنهم يقولون: ‘أتعلمون؟ ربما يكون على حق’. وربما ربما يهز قلب قلب المجتمع وهو الجزء الانساني فيه الذي سحق الاطلاع اليومي على الزعران شيئا ما في قدرته على التزعزع، يهز كتفه وكأنه يقول ‘هذا هو الموجود’.
حرره:
- م.م
المصدر:
- هآرتس
0 comments: