من الصحافة الإسرائيلية
مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
يوآف ليمور - محلل سياسي
"يسرائيل هَيوم"، 8/7/2014
[ما يجري في غزة تصعيد وليس حرباً]
· دخلت إسرائيل و"حماس" في دوامة التصعيد المعروفة، التي بدت بالأمس لا مفر منها. صحيح أن المصريين بذلوا جهداً واضحاً في محاولة تهدئة الطرفين، لكن الأحداث على الأرض كانت تسير في اتجاه آخر من خلال الارتفاع الكبير في القصف من القطاع، وفي المقابل الزيادة في حجم هجمات سلاح الجو الإسرائيلي.
· تختلف آراء المعلقين والخبراء بشأن الأسباب التي دفعت "حماس" إلى التصعيد. لكن على ما يبدو يعود هذا التصعيد إلى مزيج من ضائقة استراتيجية (عزلة دولية والحصار المصري) وسياسية (العقبات التي تواجه عمل حكومة الوحدة، وعدم دفع رواتب عشرات آلاف العاملين في القطاع العام في غزة) وعسكرية (فشل خطف الشبان الثلاثة، والضربة القاسية التي لحقت بالبنية التحتية للحركة في الضفة)، وربما أيضاً ضائقة شخصية (الخلاف بين الذراعين السياسي والعسكري للحركة).
· لكن قبل كل شيء، فالذي دفع بالحركة أمس إلى تحطيم القواعد والتفاهمات كان حادثاً من نوع آخر هو تفجير نفق في جنوب القطاع. والمقصود هنا نفق هجومي حُفر منذ وقت طويل مع منفذ يوصل إلى الجهة الإسرائيلية يمكن من خلاله عبور المخربين والقيام بعمليات مقايضة أو خطف. وخوفاً من أن تستخدم "حماس" النفق في الفترة الحالية هاجمته إسرائيل جواً مساء السبت وأصابته بصورة جزئية. في ليل يوم الاثنين دخل أعضاء من "حماس" إلى النفق من أجل تقدير الأضرار وتفخيخه في حال قرر الجيش الإسرائيلي تمشيطه. وخلال هذه العملية انفجرت عبوات ناسفة كانت في حوزتهم مما ادى إلى مقتل سبعة أشخاص من "حماس".
· هذه الضربة إلى جانب الاخفاقات على الجبهات الأخرى، دفعت "حماس" إلى تكثيف القصف الذي طال مناطق واسعة. وعلى عكس ما جرى في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، فهذه المرة شنت "حماس" هجومها علناً، وشجعت التنظيمات الأخرى على أن تفعل مثلها. ورداً على ذلك قرر المجلس الوزاري عملية متدرجة: كلما زادت "حماس" عملياتها، يزيد الجيش الإسرائيلي الأهداف المستهدفه كماً ونوعاً. وحتى الآن امتنعت إسرائيل عن قصد عن استهداف كبار المسؤولين الفلسطينيين كي لا تصّعد القتال، على الرغم من أن هذه الخطوة واردة في حال توسع القصف من الجانب الفلسطيني.
· حتى يوم أمس لم تشمل سلة الردود الإسرائيلية عملية برية في القطاع. وبقي عدد الاحتياطيين الذين تم استدعاؤهم محدوداً، ولم يشمل أطراً كبيرة بل اقتصر على زيادة القوة البشرية في القيادات (بصورة خاصة في الجبهة الداخلية) وضمن نطاق سلاح الجو (خاصة القبة الحديدية). ومن المحتمل في الأيام المقبلة أن يعرض الجيش صور دبابات تناور بالقرب من القطاع- حيث يتجمع جزء من القوات المدرعة وسلاح المشاة- لكن هذا الأمر هدفه بصورة أساسية التهديد والردع.
· وعلى الرغم من الغضب الشعبي والسياسي والمطالبة الواسعة بالرد، فليس هناك نية لدى إسرائيل لشن عملية واسعة النطاق ضد غزة. والدليل على ذلك استمرار الاتصالات غير المباشرة من خلال مصر بهدف التوصل برغم كل شيء إلى تهدئة.
· حالياً لا يبدو أنه توجد فرصة لتحقيق ذلك والجهد الأساسي ينصب اليوم على منع تجاوز القتال خط الـ40 كيلومتراً. حتى الآن حرصت "حماس" على عدم توجيه الصواريخ نحو غوش دان، لكن هذا الأمر قد يتغير في حال ارتفع عدد المصابين في القطاع من جراء الغارات التي يشنها سلاح الجو. كما أن سقوط مصابين في الجانب الإسرائيلي سيكون له تأثير كبير على عملية اتخاذ القرارات في الحكومة، وعلى هامش المناورة للجيش الإسرائيلي. ولهذا طلبت قيادة الجبهة الداخلية والسلطات بالأمس من المواطنين الالتزام بدقة بتعليمات التحصين، كما استكملت عملية نشر بطاريات صواريخ "القبة الحديدية" التي من شأنها الحد من الخطر على الجبهة الداخلية.
يوسي فيرتر - متابع للشؤون الحزبية
"هآرتس"، 8/7/2014
الطلاق المتأخر بين نتنياهو وليبرمان
· يعرف رؤساء حكومة إسرائيل أنه في أوقات التوتر- عندما تهدر أصوات المدافع وتدوّي صفارات الإنذار- فإن السياسة تتقوقع على نفسها في انتظار أيام أكثر هدوءاً. لكن يبدو أن نتنياهو في سنتة الثامنة المتواصلة في الحكم لا يحظى بهذه النعمة الصغيرة. فتحت غطاء "الوضع" يخوض وزراؤه ضده جولات سياسية علنية. وتحول المجلس الأمني أو الهيئة العليا لاتخاذ القرارات في الدولة، إلى جبهة مواجهة إعلامية بين المعتدلين والمتشددين- كما تحولت جلسات الحكومة إلى ناد للمصارعة الكلامية.
· لكن الذروة كانت ما حدث بالأمس في الكنيست، ففي اللحظة التي سبقت التصعيد الذي كثُر الحديث عنه، وبعد أن تبين أن استراتيجية نتنياهو ويعلون في ضبط النفس فشلت فشلاً ذريعاً، ومع استمرار سقوط عشرات الصواريخ على مدن الجنوب، أعلن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان فك التحالف النيابي بين كتلة إسرائيل بيتنا والليكود بزعامة نتنياهو.
· لقد كان المنطق البسيط يقضي في مثل هذه الظروف ونظراً للخلاف العميق والأساسي على سياسة الحكومة حيال "حماس" في غزة، أن يستقيل وزير الخارجية من منصبه. لكن مثل هذه الخطوة كانت ستجر الدولة إلى انتخابات مبكرة ربما في الخريف المقبل. ولا مصلحة لزعيم إسرائيل بيتنا بحدوث ذلك قط. فأحد عشر مقعداَ في حوزته اليوم ليست مضمونة غداً. وحصته في الائتلاف التي تبلغ خمسة وزارء بينهم عضوان في المجلس الوزاري الأمني، لن يحصل عليها مجدداً. لذا اختار ليبرمان الاستقالة المشروطة، فهو فك الشراكة الفضفاضة والرسمية مع الليكود في الكنيست، لكن في الوقت عينه تمسّك بمنصبه الوزاري مصرحاً بأن حزبه سيبقى شريكاً مخلصاً في الائتلاف.
· هذا هو أسلوب ليبرمان الذي يريد الاستفادة من كل شيء: فهو بذلك يقرر جدول الأعمال السياسي؛ وينتقم من نتنياهو للإهانة التي وجهها إليه أول من أمس خلال جلسة الحكومة حين وبخه مثل تلميذ صغير لعدم حضوره جلسات المجلس الوزاري؛ كما أنه يطلق الطلقة الأولى في حملة إعادة إطلاق حزب إسرائيل بيتنا المستقل والمتحرر من عبء الليكود؛ وهو يقوم بمغازلة ناخبي اليمين المطالبين بالهجوم على غزة؛ ويحافظ على كرسيه في الحكومة والمجلس الوزاري. ويفعل هذا كله من دون خجل وبصفاقة وبرودة أعصاب ومن دون أن يرف له جفن، من أجل تجميع أرباح سياسية مباشرة وربما مستقبلية.
· إن ما جرى لا يعبر عن الصفاقة المجردة والحاجة السياسية لليبرمان للانفصال والمضي في طريق مستقل في أعقاب فشل مبادرة التوحيد الكامل بين حزبه وحزب الليكود، بل هو أيضاً تعبير عن رغبة ليبرمان في الابتعاد عن نتنياهو. فالخلافات التي بدأت بينهما في منتصف هذه الولاية في ما يتعلق بانتخابات بلدية القدس، وفيما بعد حيال انتخابات رئاسة الدولة، راكمت الكثير من الأحقاد بينهما. ويتوقع عدد من الأشخاص البارزين في الوسط السياسي ألا يكتفي ليبرمان مستقبلاً بتوجيه صفعة لرئيس الحكومة كما فعل أمس، بل أن يسعى إلى إسقاطه. وبعد الانتخابات المقبلة، عندما تتوجه الكتل إلى الرئيس ريفلين لاقتراح مرشحها لتأليف الحكومة، لن يكون في استطاعة نتنياهو الاعتماد على صوت ليبرمان الذي وقف إلى جانبه مرتين في 2009 و2013.
· إن الخطوة التي قام بها وزير الخارجية أمس من شأنها زعزعة استقرار حكومة نتنياهو الثالثة، حتى لو لم يكن هذا في المدى القريب. فعلى الأرجح سيصمد نتنياهو حتى نهاية الدورة الصيفية التي تنتهي في آخر هذا الشهر. لكن الاختبارات السياسية ستأتي في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، اختبارات الميزانية والمفاوضات السياسية وإصدار تشريعات تتعلق بمسائل الدين والدولة وغيرها.
· لكن قبل ذلك، يجب أن ننتظر لنرى كيف ستخرج إسرائيل من المواجهة العسكرية مع "حماس" في غزة. ويبقى السؤال الكبير: هل سيتأثر السلوك العسكري لنتنياهو الذي تصرف حتى الآن بحذر شديد ومسؤولية واتزان، بالحدث السياسي الذي جرى اليوم؟.
0 comments: