Monday, January 9, 2017

دراسة - أمريكا وتركيا والصين وما يحدث في الشرق الأوسط.. المخاطر الحقيقية لعام 2017

 

دراسة - أمريكا وتركيا والصين وما يحدث في الشرق الأوسط.. المخاطر الحقيقية لعام 2017

 image

يرواسيا جروب – التقرير

ستة أعوام مرت منذ الكتابة عن جي زيرو – عالم بلا قائد عالمي، والتحولات الأساسية في المناخ الجيوسياسي أصبحت أوضح – فأصبحت روسيا في الجبهة الأمامية في الأمن، والصين في الاقتصاد.

هذه الاتجاهات تسببت في تسرع تمرد الشعبوية ضد العولمة؛ أولاً في الشرق الأوسط ثم أوروبا وبعدها أمريكا، وخلال عام 2016 يمكنك رؤية مفهوم جي زيرو في عدة مناطق؛ مزيدٌ من التدهور في الحلف مع بريكست، والتصويت بـ”لا” في الاستفتاء الإيطالي، نهاية محور أمريكا مع آسيا مع انهيار الشراكة عبر المحيط الهادي، والانتصار الروسي في سوريا بعد دعم بشار الأسد خلال حرب الستة أعوام، ومع نتائج الانتخابات الصادمة وقدوم ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، أصبح مفهوم الجي زيرو أكثر وضوحًا.

في عام 2017 ندخل حالة من الركود الجيوسياسي؛ حيث يعد أكثر تقلبًا من الناحية السياسية بعد العديد من الحروب، وخاصة فيما يهم السوق العالمية مثل ما حدث في أزمة الركود الاقتصادي عام 2008، حيث كانت في حاجة إلى ضغط جيوسياسي، والذي سيؤدي لبدء الصراع العسكري بين الدول الكبري أو انهيار المؤسسات الحكومية المركزية الكبري، ولكن مثل هذا الناتج أصبح الآن قابل للتحقيق، وهو خطر من ضعف الأمن الدولي والهيكل الاقتصادي وتعميق عدم الثقة بين الحكومات القوية في العالم.

الخطر الأول: أمريكا مستقلة

فلسفة ترامب وتعهده بجعل أمريكا عظيمة مجددًا بناءً على جوهر القيم الأمريكية؛ الاستقلال، فبالنسبة لترامب هذا يعد الاستقلال عن مسؤوليات أمريكا ودورها في الشأن العالمي، وتحريك العبء الموضوع على أمريكا من خلال عدد من حلفائها، إذا لم يكن واضحًا، يعتبر هذا ذو فائدة لأمريكا على المدى القريب، أو من خلال المصلحة العامة حيث يركب البعض الموجة.

هذا لا يعد انعزال؛ كقائد لأقوى دولة في العالم، رفض ترامب الضعف المقترن بالشراسة، ويرغب في استخدام مشاريع أمريكا لمصلحة الأمن القومي الأمريكي.

من الناحية العسكرية، أمريكا مستقلة لا تشير إلى إحجامها عن استخدام القوة، ولكن هناك رغبة حاسمة لاستخدامها للدفاع عن مصالح أمريكا بدون الالتفات للعواقب التى ستطول آخرين، إذ أن وعد ترامب بتدمير داعش، ومقدرة أعلى على المراقبة، وطرق أخرى لمعاقبة العدو، تعتبر استقلالًا أكبر لأمريكا سيجعلها أقوى من سياسة أوباما الخارجية.

من الناحية الاقتصادية، يتم ترجمة استقلال أمريكا إلى سياسة صناعية؛ من خلال الضغط على العلاقات الثنائية لخلق شروط أفضل لتقوية أمريكا، ومن خلال استخدام الوسائل المتاحة لإقناع المؤسسات أن تستثمر أكثر في الولايات المتحدة.

التحول يعد كبير بالنسبة للقيم، حيث أن استقلال أمريكا ينبذ الاستثنائية، وفكرة أن الولايات المتحدة تشجع الديموقراطية، والحقوق المدنية، وسيادة القانون، ونهج ترامب تجاه التحالفات والمؤسسات متعدد الأطراف يتم من خلال التعاملات.

الحديث عن القيم المشتركة يمكن أن يصبح ستارًا يسمح للحلفاء باستغلال أمريكا، ولا تلتزم أمريكا بهذه القيم بأية حال، ويجب أن تكون التحالفات أكثر عملية، وتكون منطقية إذا كان مكسبًا للجميع، ويجب أن تكون مرنة أكثر في مناخ متغير باستمرار، ولا يجب أن تكون محددة بمعاهدات لا تخدم مصالح أمريكا في العالم اليوم.

هناك منطق لهذه الحجج والتي من شأنها أن تجعل هذا التغيير في اتجاه العامة في أمريكا، وتنتمى غالبية أمريكا إلى الجزء الذي يرى أن هناك أهمية في استمرار دور الدولة كقائدة للعالم، ويشعروا أنهم لم يستفادوا بشكل مباشر من التجارة العالمية.

وأدت التدخلات العسكرية العديدة لأمريكا إلى الفشل، والاستنكار الواسع في مناطق أخرى في العالم، في الوقت ذاته فإن الخلاف الجيوسياسي لمفهوم جي زيرو يمثل تحدي أكبر للمناطق الأخرى أكثر من أمريكا (مثل اللاجئين والإرهاب في الشرق الأوسط وأوروبا وصراع الأسلحة في آسيا)، كل ذلك يخلق العديد من المخاطر السياسية.

أولاً: الفوضى القريبة والتي تأتي من غياب القوى العظمى، وهو ما يتضح أكثر في أوروبا؛ حيث تميل سياسة ترامب تجاه روسيا، دعمه الفاتر لحلف الناتو وتماشيه مع من يشبهه والحركات المناهضة للإنشاء حول القارة، يضعف أكثر ما كان يعتبر تحالف أهم لحماية النظام العالمي.

ثانيًا: الضعف الكبير للبنيان المؤسسي، حيث أن استقلال أمريكا سيسرع من تجزئة التجارة العالمية وزيادة رأس المال وتنظيم ردود بشأن أزمة التغير المناخي، وكانت الولايات المتحدة الممول الرئيسي والداعم للمؤسسات المتعددة الأطراف في العالم، مثل الاتحاد الأوروبي والبنك العالمي، مع استقلال أكبر لأمريكا؛ فإن هذه المؤسسات ستكون تحت فحص سياسي أكبر وضغوط مالية بسبب إعادة إدارة فوائدها لمصالح أمريكا القومية من قبل ترامب.

ثالثًا: هو صعود الصين والاحتمال المتنامي بالاصطدام المباشر مع الولايات المتحدة، ويري رئيس الصين أن استقلالية أمريكا كفرصة أساسية لتقدم أمن الصين والمصالح الاقتصادية الصينية بشكل أوسع.

وقال رئيس الصين في إحدى خطاباته، أنه يدعو أن تكون الصين قائدة جديدة للعولمة، حضوره بعد ذلك في هذا الشهر في المنتدى السنوي للاقتصاد العالمي ودعمه الكبير للأمين العام للأمم المتحدة، توضح انحراف جديد للصين أكبر من ظهورها في أوليمبيات بكين.

هذا التغيير سيؤدي لتحول حلفاء أمريكا في جنوب آسيا للتحالف مع بكين، وسوف يزيد من توسع دور الصين في حكم الاقتصاد العالمي، ولكن فرصة الصين الجديدة لوضع قوانين جديدة وبحث إدارة ترامب عن صفقات جديدة أفضل؛ ستجعل الصين تصطدم مع المصالح القومية الأمريكية، بالإضافة لعدم رغبة ترامب في الالتزام بالسبل التقليدية للدبلوماسية، وتأثير ذلك على الاتصالات الواضحة بين البلدين.

سيشعر رئيس الصين بالحاجة للرد الحاسم، عندما يدرك أن المصالح الوطنية الرئيسية الصينية على المحك، ويمكن أن نرى مواجهة في عدد من القضايا؛ بشأن تقارب العلاقات بين أمريكا وتايوان، والتهديد المتنامي للمشروع النووي لكوريا الشمالية، أو من خلال الضغط الاقتصادي على العملات، الملكية الفكرية، والتجارة في الوقت الذي يتم إحباط جهود ترامب في السياسة الصناعية من خلال اقتصاد الدول الرائدة الرأسمالية.

الخطر الأخير الذي يتدفق من استقلال أمريكا وانهيار النظام؛ هو إمكانية أن تتصرف روسيا كمتمردة ولا يهتم ترامب، أما قادة الاتحاد الأوروبي إما ضعفاء أو يئسوا من العقوبات، وسوف يستخدم بوتين فوزه في سوريا لزيادة تأثير روسيا في الشرق الأوسط، كما قال الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي: “السياسة الداخلية يمكن أن تهزمنا، أما الخارجية يمكن أن تقتلنا”.

الخطر الثاني: مبالغة الصين

انتقال القيادة الذي سيحدث هذا الخريف في الصين سيشكل مسارها السياسي والاقتصادي لعقد أو أكثر، حيث أن حجم تحول النخبة قبل وأثناء وبعد مؤتمر حزب التاسع عشر، جنبًا إلى جنب مع البيئة السياسة المنقسمة التي عززها الرئيس الصيني؛ ستجعل هذا الانتقال واحدًا من أكثر الانتقالات تعقيدًا منذ بداية عصر إصلاح الصين.

ويتزايد مخاطر عاملين من توحيد السلطة القادم؛ أولهم بسبب أن الرئيس الصيني سيتعامل من التحديات الخارجية  لمصالح بلده بشكل حذر، في الوقت الذي سيكون تركيز الجميع على قيادته، وسيتعامل معه بحذر أكثر من ذي قبل، ومن المتوقع أن تكون نتائجها توتر أكبر في علاقاتها مع أمريكا.

ثانيًا: من خلال تفضيل الاستقرار على الخيارات السياسة الصعبة في الفترة التي تسبق مؤتمر الحزب، وهو ما قد يزيد بدون قصد فرص فشل السياسات.

ويأتي مؤتمر الحزب التاسع عشر في وقت فريد من تطوير الصين، على الرغم من النمو الثابت، تستمر الاختلالات الاقتصادية الكبرى في البلاد في النمو، ودخل قادتها ببطء إلى إصلاح السوق الجديد، وسياسة الاقتصاد لديها أصبحت حادة.

من الناحية السياسية، الخوف والإحباط في الأحزاب ونخبة رجال الأعمال في أعلى صورها منذ ماو تسي تونج الرئيس السابق، ووحد الرئيس شي جين السلطة وهمّش المعارضين، وجعل القرارات مركزية بسرعة جعلت الجميع يتساءل عما إذا كانت تقاليد الحكم بالإجماع مازالت تنطبق أم لا، وأرسلت حملة مكافحة الفساد للرئيس صدمات للنظام المجمد منذ عقود، وأصبح قادة بكين في خوف من أن يصبحوا الأهداف التالية.

في السياق ذاته، فإن التنافس على السلطة قبل مؤتمر الحزب سيكون قوي، ويصمم شي جين على تشجيع حلفائه، ولكن الذين يعارضون توحيده للسلطة سيكون المؤتمر فرصتهم الأخيرة لحجبه، ويعتبر الوضع مجهز لعام من القتال السياسي، وفي طريقه لتثبيت السلطة سيتجنب الرئيس أي حدث داخلى أو خارجي، والذي سيجعله يظهر بمظهر ضعيف، وهذا سوف يأتي معه عواقب.

أولاً: يري الرئيس الصيني أنه يجب أن يرد بحزم على أي تحديات تواجه المصالح الوطنية، وهو ما يعني تزايد توترات السياسة الخارجية، وعلى الأقل فإنه سيرى أي تحدي خارجي محاولة إلهاء عن تركيزه على السياسة الداخلية وهو ما يعد غير مرحب به، وعلى أسوأ الأحوال سوف يخشى أن تقوض هذه التهديدات موقفه في بلده، ومن المتوقع أن يرد بحزم أكثر من المتنبئ به، ولسوء الحظ للاستقرار العالمي؛ فإن قائمة المحفزات التي يمكن أن تجعل الرئيس الصيني يفقد أعصابه طويلة، وتشمل ترامب ورؤيته للسياسة الصينية، وتايوان، وهونج كونج، وكوريا الشمالية، وبحر جنوب ووسط الصين.

ثانيًا: التركيز القوي على الاستقرار الداخلي يعني أن الرئيس الصيني يمكن أن يبالغ أو يعرقل أي إشارة على مشاكل اقتصادية، وهذه المخاطرة يمكن أن تظهر في شكل إعادة تضخم الأصول من أجل تعزيز النمو المحلي، أو انحدار ضوابط رأس المال، وأي منهما يمكن أن يجعلهم يفقدوا المستثمرين أو السوق العالمي، ولكن أيًا كان شكلها، فإن أي خطوة خاطئة سيأخذها “شي” سوف يثير التقلبات في الاقتصاد العالمي.

الخطر الثالث: ضعف ميركل

هذا العام سيأتي ومعه موجة من المخاطر السياسية في أوروبا، وبعضهم سوف يتحقق؛ حيث أن الجدال حول البريكست سوف يشتت ويزيد عدم الثقة بين المملكة المتحدة وأوروبا، والانتخابات الفرنسية يمكن أن تؤدي إلى تولي اليمين المتطرف السلطة، كما أن أزمة اليونان ستستمر في الاضطراب بدون حلول، إضافة إلى أن ميل تركيا نحو الاستبداد سيستمر، في حين أن اتفاقية اللاجئين الخاصة بالدولة مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن تنهار، ويبقى الإرهاب المتفشى أكبر خطر في أوروبا من أي مكان فالعالم.

استفادت أوروبا من شجاعة قيادة ميركل منذ اندلاع الأزمة في المنطقة الأوروبية، فهل كان يمكن للأوروبيين حل الأزمة المالية بدون تركيز ألمانيا على الحل؟ وهل كانت ستبقى أوروبا دون تفكك ؟ يصعب تصور ذلك.

واجهت ميركل عدة تحديات والتى استمرت في تقويض قيادتها؛ أولاً سياسة اللاجئين، والتي افتقدت الدعم في ألمانيا وأوروبا، وما زاد هذا الرفض هو الهجمات الإرهابية والأحداث الداخلية والتي تم لوم اللاجئين فيها، ثم سلسلة من أزمات الشركات والتي تضمنت عدد من المنشآت الألمانية الهامة، مثل “فولكس واجن”، و”دويتش بانك” وغيرها، وأخيرًا ظهور الشعبوية والذي قوض دعم حلمها بأوروبا أقوى بسبب نتائج الانتخابات في شرق أوروبا، في استفتاءات المملكة المتحدة وإيطاليا وظهور بديل حزب ويتش لاند الألماني.

من بين قادة أوروبا تعتبر ميركل الأكثر حظًا في الفوز بفترة أخرى في الانتخابات المقبلة، حيث لا يوجد منافس قوي، وبصرف النظر عن خطر زيادة القومية في الدولة ولكن لا تمتلك الشعبوية في ألمانيا نفس الآثار التي تملكها في دول أوروبا، حيث أن فوائد عضوية الاتحاد الأوروبي ومنطقة أوروبا واضحة للألمانيين، ولذا وبصرف النظر عن مدى فداحة فوز بعض المرشحين الخاطئين في العالم؛ إلا أن ميركل ستفوز بمدة رابعة، ولكن الحاجة لإرضاء النقد الداخلي هذا العام سيجعلها شخصية أضعف وسيؤثر على جودة قيادتها سواء في ألمانيا أو خارجها.

نفوذ ميركل انجرف سريعًا، ولم يلتزم أوباما دومًا بما وعد، ولكن العلاقات كان دافئة على المستوى الشخصي والدبلوماسي، ولا يعتبر الوضع كذلك مع ترامب والذي يهتم بالقيم بشكل أقل، وهو ما يعد أساس قيادة ميركل.

عندما يأتي الوضع لعلاقات أوروبا وأمريكا؛ ترى دول أوروبية أخرى فرصة لإعادة تقوية الروابط مع موسكو، وسيتسبب البريسكت في محو الدعم البريطاني لقيادتها، أما بالنسبة للإيطاليين فإنهم كقوى كبيرة مناصرة للاتحاد الأوروبي سوف يمروا بحكم ضعيف، وفي فرنسا إذا نجحت ماري لوبان ونادت باستفتاء على عضوية بلادها في الاتحاد الأوروبي؛ فإن حكومتها ستكون خصم لميركل، أما إذا فاز فرنسوا فيلون؛ فإن ميركل ستتعامل مع حليف رئيسي والذي يميل نحو بوتين، ولم تحتاج أوروبا لقوة أكبر من ميركل، ولكن في 2017 فإن دورها كشخصية قوية لن يكون متاح.

الخطر الرابع: لا وجود للإصلاحات

سوف تفتقر القيادة أيضًا للتعامل هذا العام مع العديد من القضايا، حيث يتجنب المسؤولون السياسيون الإصلاح الهيكلي، وسط احتمالات تقويض النمو والفرص الجديدة للمستثمرين من ناحية الاقتصاد، وينقسم هذا المأزق إلى أربعة أقسام.

أولاً: يشعر بعض القادة القوميين وكأنهم فعلوا واجبهم، ففي الهند سيستريح الرئيس مودي بعد أن قام بإصلاحات سياسة نقدية، وضريبة السلع والخدمات وتحرير الاقتصاد الأجنبي المباشر في العديد من القطاعات الهامة.

هذا العام سيعود للتركيز على الفوز بالانتخابات الرئاسية، أما في المكسيك ستكون نهاية انريكو بينا نيتو بعد وصوله لإصلاحات في مجالات الطاقة والتعليم والضرائب، ويعلم أنه ليس لديه تفويض لإضافة شيء آخر لهذه القائمة.

ثانيًا: المجموعة الثانية تبقى في الانتظار حتى تشتد الأحداث في الأجندة السياسية، وستستمر روسيا في تأخير ارتفاع الضرائب بعد انتخابات الرئاسة في مارس 2018، في الوقت الذي لا تخطط فيه ألمانيا وفرنسا لتغيرات هائلة في اقتصادهما، أو حتى تقدم متواضع في الإصلاحات في مجال العمل، ويجب أن يتم الانتظار حتى انتخابات 2017.

في المجموعة الثالثة، الإصلاح الهيكلي الحقيقي ليس على القائمة؛ ففي تركيا، تركيز أردوغان على توحيد السلطة يعني غياب الإصلاحات، وفي إيطاليا فإن ضعف الحكومة يجعلها لا تملك الجاذبية لمعالجة منهيجة إصلاح القطاع المصرفي، أما في المملكة المتحدة فإن البريكست سيمنع تريزا ماي من تحقيق وعدها بإصلاح رؤوس الأموال.

وهو ما يترك آخر مجموعة من القادة والذين سيظهروا حلول للأمور الضرورية، وسيعمل ملك السعودية على الأزمة المالية، ولكن لن يكون قادرًا على حل العراقيل الثقافية التي توجد في المملكة، ونيجيريا ستشهد إصلاحات في قطاع البترول والأمن ولكن سيتداعى ذلك في المشاكل المالية وغيرها.

الخطر الخامس: التكنولوجيا والشرق الأوسط

على الرغم من الاستبداد الواضح، إلا أن حكومات الشرق الأوسط تعتبر ضعيفة لعقود طويلة، ومعظم حدود المنطقة تم إنشاؤها من قبل الأوروبيين ولم تناسب غرضها، والشرعية جاءت غالبًا من الخارج ثم من الطاقة والمال، وتأكدت أمريكا وحلفاؤها من الأمن، واليوم كل هذه العوامل تنقص.

التكنولوجيا، تعتبر قوة لزيادة الاقتصاد، وأيضًا تؤدي لعدم الاستقرار السياسي، وفي الشرق الأوسط فإن الناتج الأخير يثبت هيمنته لعدة أسباب:

الطاقة: يستند العقد الاجتماعي حول العديد من مدن الشرق الأوسط على الأموال الكثيرة الآتية من النفط والغاز لتأكيد ولاء المواطنين، وقد تم تخريب هذا النموذج بسبب ثورة الطاقة، والتي أضعفت منظمة أوبك بشكل كبير، وهذا الاتجاه سيتم تكثيفه وسيقلل من الأسعار وسيقوض شرعية العديد من حكومات المنطقة.

الاتصال: أدت العولمة لرد فعل عنيف في الغرب والشرق الأوسط، وتملك الشرق الأوسط القوة للعمليات الاجتماعية والاقتصادية، ولكن السكان المهمشين يمكن أن يوصلوا شكواهم بطريقة أسهل الآن، ويمكن للإرهابيين التجنيد، ويتحدث الشيعة والسنة والكرد والذين ينتمون لقبائل داخل الجماعة وليس مع جماعات آخرى، وتطور كل مجموعة نظرة مختلفة للعالم مميزة عن الأخرى، وكل ذلك يمثل تهديد حقيقي للأنظمة الموجودة.

الإلكترونيات: تعتبر إيران واحدة من أكثر المستخدمين للأسلحة الإلكترونية، حيث أصبحت أقل تقييدًا مما كانت عليه، ونرى تزايد الهجوم على السعودية بردود أقل من السعوديين وحليفتها أمريكا، والإرهابيون في المنطقة يطورون مهارات إلكترونية جديدة لتحدي أنظمة الشرق الأوسط.

التشغيل الآلي: العامل الأساسي الآخر في المنطقة هو سكانها، وبنظرية اقتصادية، يجب أن يكون السكان الشباب ميزة، ولكن ليس عندما تبعد فرص التكنولوجيا.

الشفافية القسرية: أجبرت تسريبات ويكيليكس رئيسة اللجنة الوطنية الديموقراطية على الاستقالة، وكان له تأثير على الانتخابات الأمريكية، وأدت أوراق بنما إلى استقالة رئيس وزراء أيسلندا، فماذا سيحدث عندما يأتي الوضع على أحد قادة الدول العربية؟، فالأنظمة الاستبدادية هشة في الشرق الأوسط وتحتاج السرية للحفاظ على استقرارها.

الخطر السادس: التحول السياسي للبنوك المركزية

للمرة الأولى منذ عقود، تواجه البنوك المركزية الهجوم، ليس فقط في الأسواق الجديدة ولكن في أمريكا وأوروبا والمملكة المتحدة، وهو ما يترك جانبًا المبررات التي أدت لاستقلال البنك المركزي في المقام الأول، وتعوُّد السياسيين على لوم أصحاب البنوك المركزية على المشاكل السياسية والاقتصادية.

تمثل هذه الهجمات خطر للأسواق العالمية في 2017، من خلال تهديد أدوار البنوك المركزية مثل المؤسسات التكنوقراطية، والتي توفر الاستقرار المالي والاقتصادي، وألقت تريزا ماي اللوم على بنك إنجلترا لانخفاض سياسات السعر، والتي قالت إنها أضرت بالمدخرين وتسببت في زيادة عدم المساواة في الدخل.

وفي ألمانيا، قال وزير المالية إن انخفاض أسعار الفائدة تسبب في تقليل حافز الدول الأوروبية لإصلاح النماذج الاقتصادية غير المستدامة، فيما اتهم ترامب مجلس الاحتياطي الاتحادي بدعم هيلاري كلينتون خلال الانتخابات الرئاسية، وفي كل حالة من هذه الحالات فإن التسييس العلني للبنوك المركزية هو كسر المحرمات منذ أمد بعيد في ثقافة السياسة الداخلية، وهذه الضغوط على البنوك المركزية ستصبح أكثر إشكالاً في 2017 كنتيجة للمعضلات السياسية والاقتصادية، والتي تلوح في الأفق في أمريكا وأوروبا، والتى تكون ما يقرب من 40% من الاقتصاد العالمي.

وفي الولايات المتحدة، يوجد مخاطرة بصراع مفتوح بين الاحتياطي الاتحادي والبيت الأبيض؛ بسبب المسار الاقتصادي للدولة، ووعد الرئيس المنتخب ترامب بالتوسع المالي والذي قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية وتقوية الدولار، بينما سيعتبر رد الاتحاديين بزيادة الفوائد أكثر من الآن تناقض داخلي في قلب العامل الرئيسي لسياسة الإصلاح الرئاسي، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة ستقوض سوق المساكن، بينما سيكون هناك تأثير سلبي لقوة الدولار على المصدرين.

رد ترامب غالبًا سيكون لوم الاتحاديين على تقويض ازدهار الولايات المتحدة، وهي خطوة من شأنها تحويل استقلال التكنوقراط إلى كبش فداء سياسي، ووضع ضغوط جديدة على قرارات الاتحاد المستقبلية.

إذا تحرك البنك المركزي بحذر أكبر، فإن الرئيس كان سيتهمها بالسماح للتضخم بإيذاء الأمريكيين، والأهم هو خطر انتهاز ترامب للفرصة المقدمة له برحيل رئيسة المجلس جانيت يلين في يناير 2018، ووضع حليف له محلها وهي خطوة قد تقوض سمعة الاتحاد لسنوات، ويعتبر الموقف خسارة في كل الأحوال للمجلس؛ حيث سيوجه له اللوم في جميع الأحوال.

في أوروبا، فإن الخطر هو أن البنك المركزي الأوروبي لن يكون له الدعم السياسي اللازم لإنقاذ الاقتصاد المتعثر من الدول الطرفية في المرة المقبلة، التي ستمر بها القارة بأزمة.

منذ أن استخدم ماريز دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، عبارة “مهما يحدث” في 2012 للالتزام بالدعم الثابت لإنقاذ أوروبا، وأنقذ البنك المركزي الأوروبي اقتصاد الدول الأوروبية التي كانت في حاجة لذلك.

ولكن ذلك لم يكن سياسة شهيرة مع الشخصيات العامة، وأصبح أكثر إثارة للجدل في الآونة الأخيرة، والخطر الآن هو أن دراجي لن يشعر أن لديه الدعم الضروري لتعزيز الدول الأوروبية، بعد فوز لوبان أو وصول حركة فايف ستار للسلطة في إيطاليا.

الخطر السابع: البيت الأبيض ضد سيلكون فالي

قال ترامب إنه على استعداد لتبني الشركات الأمريكية، وهو تحرك غالبًا بشأن إظهار النقاط من خلال الإعلان عن صفقات أفضل للشعب الأمريكي، وتأخذ شركة كارير للتكييفات تخفضيات ضريبية بسبب عمل المئات لديها ومثل عدد من الشركات الأخرى، وفي النهاية تعتبر هذه صفقات تم توقيعها، وتعتبر الشركات الأمريكية والبنوك الكبرى ممثلة تمثيل جيد في رئاسة وزراء ترامب، ولها ارتباط أيدولوجي مع سياسته التي يرغب في تنفيذها، ومن المتوقع أن يسعى ترامب خلف شركات كبيرة لأسباب وجود ضغائن معها، وكثير من هذه الشركات سوف تتعثر، ولكن هذا يعد مشكلة للشركات الفردية وليس قضية هيكلية.

ولكن الصراع مع سيلكون فالي مختلف؛ حيث أن القادة التكنولوجيين من كاليفورنيا – والتي صوّت غالبيتها ضد ترامب – لديهم ضغائن ليستكملوها مع الرئيس الجديد، بجانب بيتر ثيل، فإن رواد أعمال فالي لديهم اختلافات جوهرية في وجهات النظر عن الرئيس الجديد، حيث أن أجندة ترامب السياسية تبدأ بالأمن القومي في حين أن الخاصة بسيلكون فالي تركز على الحرية والخصوصية، وفي حين أن دعم العلوم كان من نقاط قوة أوباما فإنها من نقاط ضعف ترامب.

هناك عدة مناطق سوف يكون بها هذا الصراع؛ أولاً في الإعلام، حيث أن براعة ترامب على السوشيال ميديا، والبيانات والقدرة على استغلال الخوارزمية من أجل الأخبار والأخبار المزيفة؛ كان أمر حاسم لفوزه في الانتخابات الأمريكية، بينما قادة سيلكون فالي تعرفوا ببطء على المشكلة ولكن بعد فوز ترامب، وقللت المعلومات وشركات الإعلام من تأثير بديل اليمين، وهو ما يعني محاولة تقليل انتشار الأخبار المزيفة وإنشاء البرامج التي تقطع الطريق على من يعملون كأفراد، كما أن انهماك ترامب مع وسائل التواصل جعل هذه الوسائل أمر هام له، وهو تهديد مباشر لقدرته على الحفاظ على شعبيته.

الجانب الآخر من هذه المعركة هو الأمن، إذ يرى ترامب أن تأثير السياسة على المخابرات وتعقيدات الأمن الوطني كمكون رئيسي للقوة الرئاسية، وأنه سيستحوذ على الفرصة لتوسيع نطاق الحكومة في شأن الهجمات الإرهابية ضد أمريكا، وهو ما يعني أننا سنرى صراعًا أكبر مثل الذي يوجد بين “أبل” ومكتب التحقيقات الفيدرالية، بشأن الولوج إلى البيانات بعد هجمات سان برناردينو، وسيواجه نخبة من التكنولوجيين وكالة الأمن الوطني بشأن تهديدات أمنية محتملة، واختبار مبكر لهذه القضية يمكن أن يمثل تحرك لضرب أمر تنفيذي من عهد أوباما؛ كتقليل جمع المعلومات الاستخباراتية، وهو تحرك يدعمه بعض من الأشخاص الذين عينهم ترامب، وهي خطوة يمكن أن يستمر فيها ترامب لضمان معاملة أفضل من وسائل الإعلام الجديدة.

وأخيرًا هناك زاوية الأعمال، وخلال حملته عاد ترامب لتأكيد أن الأعمال من أولوياته، ولكنه ناقش المشكلة بوجهة نظر العولمة أكثر من التحديات التكنولوجية، وهي المشكلة الكبرى للعمال في أمريكا الآن، بتوسع التشغيل الآلي فإن ترامب سيحتاج إلى الالتفات إليها، أما الشركات التي لا تعتبر صديقة له؛ وخاصة تلك التي تستند على استخدام الذكاء الصناعي، ستكون هدف مثمر؛ فعلى سبيل المثال تعتبر القيادة واحدة من ضمن أكثر الأعمال في الخمسين ولاية، وهذه الأعمال جاهزة للاختفاء خلال مسار إدارة ترامب، ومن الصعب تخيل عدم سعي ترامب خلف الشركات المسؤولة عن دمار الأعمال، ولا يعتبر الأمر كله صراع؛ حيث أن دعم ترامب لإصلاح ضرائب الشركات والتنظيم الحكومي سيكون مرحبًا به في سيلكون فالي مثل باقي الولايات.

الخطر الثامن: تركيا

قدم انقلاب يوليو الذي فشل، عدم تأكد سياسي وتطاير اقتصادي في تركيا، في الوقت الذي استمر فيه أردوغان في استخدام حالة الطوارىء لاستعادة السيطرة على العلاقات وإحكام قبضته على القضاء والبيروقراطية والإعلام، وحتى قطاع الأعمال من خلال موجات من الاعتقالات والتطهير، ويطمح أردوغان الآن في تشريع توسعه الراهن في الحكم، ومع مساعدة المعارضة وحزب الحركة الوطنية، فمن المتوقع أن تجري تركيا استفتاءً بشأن هذه التوسعة في الربيع المقبل، على عكس الاستفتاءات الأخرى في القارة؛ فإن هذا الاستفتاء سيكون فوز آخر للرئيس، وتحرك أردوغان لتركيز القوة سوف يزيد من تفاقم العديد من الضغوط الموجودة بداخل تركيا، سواء من ناحية الحكم فيها أو اقتصادها وعلاقاتها الخارجية.

وحتى الآن يبدو أن التصويت متساوي بشأن توسيع قوة الرئيس، ومن المتوقع أن يشن أردوغان حملة شرسة للفوز، ومن الناحية السياسية هذا يعني أن الحكومة سوف تستمر في سعيها ضد الحركة المناهضة للرئيس وإحكام السيطرة الموجودة بالفعل على المنظمات الحكومية والإعلام، أما من الناحية الاقتصادية فإن أردوغان سيواجه ضغط الحفاظ على التدابير الشعبية في الوقت الذي يضيق فيه الخناق على شروط السيولة الخارجية، وهو ما يتطلب إعادة نظر في السياسة الاقتصادية، وسوف يضغط على البنك المركزي للإبقاء على معدلات منخفضة تعتمد بشكل متزايد على الحوافز المادية لتعويض تباطؤ النمو، وسيتجنب أردوغان الإصلاحات الهيكلية للضرائب والعمل والمعاشات التقليدية، في الوقت ذاته فإن الفحص القليل على السلطة التنفيذيه سيترك القطاع الخاص عرضة للأهواء السياسية.

يحتاج أردوغان للإبقاء على دعم المصوتين الوطنيين، وهو ما سيؤدي لارتفاع مخاطر الأمن في الوقت الذي يعتبر الجيش فيه ضعيف بسبب محاولات تطهير ما بعد الانقلاب، وسوف يستمر في موقفه المتشدد تجاه حزب العمل الكردستاني والتابعين لهم في العراق وسوريا، في كلا البلدين من المحتمل أن يبعد أردوغان عن حلفائه وسوف يغذي تحركه من الإرهاب في تركيا، وبالمثل فإن سياساته القمعية ستبقي علاقته مع الدول الأوروبية على الحافة.

أخيرًا، فإن فوز أردوغان في الاستفتاء سيؤدي لراحة أكبر، ووقع حزب الحركة القومية حزمة إصلاحات والتي تشمل تقريبًا كل ما يريده أردوغان من نظام سياسي تنفيذي بلا متابعة، ولكن معظم ما يريده لن يتحقق إلا بعد انتخابات 2019، وسوف يشجع النصر أردوغان ليكون بمثابة الرئيس التنفيذي ليستمر في تجاوز سلطاته الرسمية في 2017، وسلطة أردوغان بعد الاستفتاء ستقلل من المخاطر الاقتصادية والأمنية والسياسية عليه.

الخطر التاسع: كوريا الشمالية

2017 سيكون عام كبير لكوريا الشمالية وهو ما يعد أمر سيء، إذ حققت كوريا الشمالية تقدم جوهري من خلال البرامج النووية والصاروخية، ويتوقع أن يتم توسيعهم بشكل أكبر، وتملك الدولة ما يكفي لتكوين حوالي 20 سلاح نووي، وتقترب من تكنولوجيا تصغير الرؤوس الحربية، وبالتالي امتلاك صواريخ باليستية عابرة للقارات يمكن أن تضرب الساحل الغربي للولايات المتحدة بسلاح نووي، ويعتبر صانعو القرارات في أمريكا أن هذا يعد خطًا أحمر.

وتستمر سياسة أمريكا في التركيز على الإقصاء التام للبرنامج النووي وليس احتوائه فقط، وبعبارة أخرى فإن كوريا الشمالية يجب أن تتخلص من كل أسلحتها النووية.

يوجد اثنان من المخاطر الأساسية؛ أولهما تصعيد أمريكا لإجراءات قسرية ضد كوريا الشمالية، وهو ما يعد نتيجة لأزمة علاقات أمريكا مع الصين، حيث تضغط أمريكا على الصين لزيادة العقوبات، فيما تخشي الصين من انهيار كوريا الشمالية ورفضها، وتستمر أمريكا في نهجها على أية حال ومنها عقوبات ثانية تضر البنوك الصينية في حين أن بنوكها لا تعد قوية، ويهدد ترامب بعد ذلك بتحركات عسكرية.

هذا السيناريو ينكشف في بيئة حيث تتدهور علاقات أمريكا والصين بالفعل، بسبب تحركات التجارة بين أمريكا وتايوان، والنتيجة هي أزمة صينية أمريكية، حيث رفضت بكين أفعال ترامب، وتأخذ اليابان جانب أمريكا، وهو ما يخلق مخاطر توتر علاقات الصين باليابان.

الخطر الثاني هو أن رئيس كوريا الجنوبية تم استبعاده وجاء بدلاً منه حكومة تفضل التعامل الدبلوماسي مع كوريا الشمالية بالإكراه، وألغت الحكومة الكورية الجنوبية الجديدة نظام الدفاع الصاروخي ورفضت التحالف مع أمريكا في العقوبات والخيارات العسكرية، وتسبب رد ترامب العنيف في أزمة بين أمريكا وكوريا الجنوبية والتي مثلت صدمة حول آسيا، في الوقت الذي يشكك ترامب في التزامه تجاه المنطقة، وهو ما أشعل التوترات بين اليابان وكوريا الجنوبية، خاصة إذا رفضت الحكومة الجديدة في سيول صفقة بارك مع رئيس الوزراء، بشأن حلول المشاكل التاريخية بين البلدين.

على مدار عقد مضى، كانت كوريا الشمالية مشكلة ولكنها لم تمثل خطر، وهو ما سيتغير في 2017

الخطر العاشر: جنوب أفريقيا

تسببت الأزمة السياسية في تقليب الرئيس جاكوب زوما ضد معارضيه في المؤتمر الوطني الأفريقي، وهو ما سيسوء أكثر في 2017، مما سيضع اقتصاد جنوب أفريقيا في خطر أعظم وسيدمر استقرار المنطقة، وبعد إفلاته من التحديات لسلطته في 2016 بشق الأنفس، سيركز زوما على المعارك الداخلية هذا العام، وهو ما سيمنع المصلحين من المضي قدمًا في استعادة الاستقرار الاقتصادي للدولة، والخلاف الداخلي في المؤتمر الوطني الأفريقي سيزيد بشأن إدارة الشركات المملوكة للدولة.

وتملك شركة أسكوم الحصة الأكبر من الضمانات الحكومية، وسوف تلوح ميزانيته العمومية في الأفق على التصنيف للمدى المتوسط وطويل الأجل، خاصة مع حليف زوما، بين نجوبان.

الصراع السياسي المكثف داخل المؤتمر الوطني الأفريقي سيتوقف في الفترة التي تسبق مؤتمر داخلى للحزب في ديسمبر 2017، في الوقت الذي يرفض زوما والوفد المرافق له تسليم الامتيازات والقوة التي تحميهم.

بعد أن تعرض لانتقادات لم يسبق لها مثيل في أواخر 2016، فإن الرئيس سيكون أقل ميلاً لقبول مرشح ليحل محله عندما يتقاعد كرئيس للمؤتمر الوطني الأفريقي هذا العام، بدلاً من ذلك، فإن زوما سيشجع زوجته أن تحل محله أو أحد حلفائه، والمناورات في الأشهر التي سبقت هذا الخلط ستمنع أيضًا الإصلاحات خاصة من وزير المالية من تنفيذ السياسات، وإصلاح سوق العمل في البلد والشركات المملوكة للدولة وقطاع الطاقة سيبقوا بعيدين عن المنال.

الصراع السياسي في جنوب أفريقيا يقوض الدور التقليدي للدولة كقوة لتأمين المنطقة، وفشل هذه القيادة يزداد في الوقت الخاطئ، بسبب أن الأحداث في الأشهر المقبلة سوف تمثل تحديًا لاستقرار المنطقة، في الوقت الذي تستعد فيه زيمبابوي لانتخابات 2018، فإن هذا العام سيشهد موجة من الاحتجاجات المعارضة والتي سيقمعها الرئيس بقوة، وفي 2008 ساعد الرئيس آنذاك ثابو مبيكي في التوسط في اتفاق لاقتسام السلطة، عندما خرجت الانتخابات في زيمبابوي عن السيطرة، واليوم بعد أن أصبحت منقسمة فإن جنوب أفريقيا لا يمكنها إعادة هذا الدور مرة أخرى.

في موزمبيق، تعتبر جنوب أفريقيا عضو أساسي في فرقة وساطة الدولة الموكلة للحفاظ على الغطاء على المشاكل الاقتصادية والسياسية المتنامية للدولة، ولكن جنوب أفريقيا ستستمر في لعب دور محدد في هذه الجهود بينما تزداد مشاكل موزمبيق في التعمق.

صفقة الانتقال المتوتر في الكونغو الديموقراطي، حيث لعبت جنوب أفريقيا دول تقليدي حاسم كوسيط، سوف تواجه مخاطر كبيرة، وتنظيم انتخابات هذا العام سيكون صعبًا، خاصة بسبب الدعم الباهت لصفقة جوزيف كابيلا والذي انتهت مدته الرئاسية في ديسمبر، وانهيار العملية الانتخابية يعتبر أمر وارد، أي تأخير سيقابل باحتجاجات عنيفة أخرى، ويعتبر هذا الوقت سيء من أجل أن تكون جنوب أفريقيا على الهامش الدبلوماسي.

المصدر

http://www.eurasiagroup.net/issues/Top-Risks-2017

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: