كيف تكشف لنا
القراءة النقدية أكاذيب الإعلام؟
تايمز هاير إديوكيشن– التقرير
ناقش دونالد هال، عميد الآداب والعلوم في “هربرت”
وآن سيجل بجامعة ليهاي، مسألة أن الجامعات تقوم بتعليم الانتباه إلى الأدلة،
والاستدلالات المبنية على الواقع، وما أظهرته ألمانيا في الثلاثينات، ورواندا في
التسعينات، والولايات المتحدة الآن، تعد أدلة حيوية.
ويقول دونالد: “كعاشق للنصوص المطبوعة وقارئ
متعطش مدى الحياة للخيال، تعلمت أن القص يمكن أن يكون غير موثوق به بشكل رهيب.
ويجب على القراء الحكماء ألا يصدقوا سرد أول شخص في رواية أو قصة قصيرة، ما لم
يجدوا دليلا كافيا على أن الراوي يمكن الوثوق به.”
ويضيف: “نحن في الولايات المتحدة نعيش في عصر
الرواية، التي لا يمكن الوثوق بها بشكل مذهل. ومواقع “الأخبار الوهمية”، تغذي
نظرية المؤامرة تلو الأخرى، ويحمل المدافعون السلاح للتعامل مع جرائم وهمية. ويبدو
أن المحرضين من الخارج والانتهازيين بالداخل، حريصون على زرع الفوضى السياسية، من
خلال الروايات المضروبة، التي تعرض على أنها حقائق.
يذكر أن الاستبداد و/أو الفوضى الاجتماعية، هما
النتيجة المحتملة للبيئة القائمة على القصص الكاذبة.
وبمشاهدة ألمانيا في الثلاثينيات، ورواندا في
التسعينات، نرى إثباتًا تاريخيًا على ذلك. وبشأن الأخيرة خاصة، يقول الكاتب: “أعلم
ذلك كله كثيرا. لقد قمت بالتدريس في رواندا، بالجامعة الوطنية، وذلك في منتصف
الثمانينات، وغادرت البلاد بمجرد أن بدأ الوضع الاقتصادي في الخروج عن نطاق
السيطرة.” ويقول: “سمعت من العديد من الأصدقاء والزملاء، الذين تركتهم هناك، كيف
أن الأخبار الكاذبة، بدأت بشكل سريع في تغذية حالة عدم الثقة المدنية، وسمحت
للسياسيين الطموحين بتدبير المكائد ضد الجيران وبعضهم البعض. والمواطنون الساذجون
ممن لا يتمتعون بتعليم جيد، كانوا حريصين على الحصول على إجابات سهلة للمشاكل
المعقدة، ما أدى إلى اعتقادهم بأن مجموعة عرقية واحدة وجميع المثقفين، المسؤولون
عن مشاكلهم. لقد قاموا بذبح ما يقرب من مليون من أبناء البلد والنساء في أسابيع
قليلة، بما فيهم العديد من زملائي السابقين وطلابهم.
ويذكر دونالد أنه في الولايات المتحدة، يمر
الجميع بمرحلة خطيرة بشكل خاص. ويقول: “نحن أيضا منقسمون بناء على أسس عرقية، أو
ثنية واقتصادية، إلى معسكرات من أتباع العولمة والانعزاليين. ومع ذلك، اليوم يتم
تسليم “الحقائق” و “الروايات” المتعلقة بنا بشكل سريع وبقدر غير مسبوق تاريخيا،
وذلك من خلال وسائل الإعلام عبر الإنترنت والشبكات الاجتماعية. إن هواجسنا الوطنية
تجاه “تلفزة الحقيقة”، تسببت في عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الخيال والواقع، كما
بطريقة لم تحدث من قبل. وإمكانية تضليل المواطنين المعنيين، من قبل الفعاليات
الاجتماعية والسياسية، عديمة الضمير، وصلت إلى مستوى تاريخي.
يذكر أن هذا صحيح، لا سيما بالنسبة للشباب. ويقول
دونالد: “لقد قمت بالتدريس والإدارة في مدرسة خارجية كبيرة في لوس أنجلوس، في إحدى
الجامعات في أبالانشيا، والآن في جامعة بحثية خاصة في شمال شرق البلاد. وخلال 25
عاما، لاحظت دائما، أن طلاب السنة الأولى يصلون إلى الحرم الجامعي، وفي كثير من
الأحيان، لا يعرفون كيفية تقييم المواد الأصلية، وتمييز المصداقية عن الحجج غير
الموثقة، والتصنيف من خلال نقاط البيانات، التي لا تعد ولا تحصى، والتفسيرات التي
تواجههم عند القراءة، من خلال المواد المطبوعة، أو مواقع المسح الضوئي، أو تحديثات
وسائل الإعلام الاجتماعية.
والحقيقة أن الطلاب، الذين تبلغ أعمارهم 18 عاما،
في كثير من الاحيان، لا يملكون المهارات التي يحتاجونها لاتخاذ قرارات حكيمة،
مبنية على الواقع القائم. وعدد قليل جدا من معلمي المدارس الثانوية، يملكون
الوقت الكافي لتكريسه لتعليم تلك المهارات. يقول الكاتب: “في حين أن الناس يمكنهم
بالتأكيد اكتساب تلك المهارات المتنوعة من أماكن أخرى، فأننا متخصصون في هذا
التدريب في مجال الفنون الحرة والعلوم.”
ومن الواضح أن المهارات المطلوبة، تقوم على
الدورات المكرسة خصيصا لوسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية الجديدة (مثل المعروض
الآن في قسم الصحافة والاتصالات). لكنهم يمثلون مجوعة من المهارات الحياتية
والمهارات المدنية، التي تعتبر مهمة جدا، لكي تقتصر على تلك الصوامع.
وفي دراسة الرواية بالقرن الـ20، على سبيل
المثال، جاء الطلاب لتعلم سبب عدم تصديقهم للروايات البسيطة كـ”نيك” في فيتزجيرا
لـ”دغاتسيل إف سكوت”، أو “هولدن” في حارس الحقل لـ”جي دي سالينغر”، أوإليانور في
مطاردة هيل هاوس لشيرلي جاكسون. وفي كتابة ورقة بحثية حول ما سبق، يكتشف الطلاب
سريعا أن هناك بعض التفسيرات، مدعومة بشكل جيد، والعديد منها عبارة عن أقوال
ضعيفة، وهذه الأخيرة غالبا ما تقوم على الالتباس، أو مجرد رد فعل عاطفي.
يذكر أن نفس الاهتمام بالأدلة والواقع القائم على
المنطق، يتم تدريسه أيضا في دورات التاريخ والرياضيات والعلوم وعلم الاجتماع. وفي
الواقع، يتم تدريس مهارات القراءة والكتابة النقدية بشكل ضمني، في أي دورة تتطلب
من الطلاب إجراء بحوث، ثم بناء حجة تقييمية مدعومة جيدا، وذكر المراجع المستخدمة
من المصادر الخارجية.
ويشير الكاتب قائلا: “نحن من أنصار قيمة الدراسات
المتعددة التخصصات لفترات طويلة، نعلم أيضا أن المفترقات في المجالات الأكاديمية،
التي بها يواجه المرء نماذج تفسيرية متعددة، وتتطلب فرزًا ملائمًا، ومنهجية لتحديد
أفضل مسار عندما يتم التقديم في وجود مجموعة متنوعة من وجهات النظر. لم يكن لهذه
المهارات أهمية كبيرة أبدا.
وفي تجمع انتخابي بولاية نيفادا في فبراير
الماضي، أعلن الرئيس الجديد علانية قوله “أنا أحب متوسطي التعليم”. لكن لا أحب
“ضعف التعليم”، أو نتائجه. وهناك اعتقاد بأن قوة التعليم، بالتأكيد، لا تحول أي
شخص إلى ليبرالي أو محافظ، لكنها تساعد على تمكين القرارات الذكية، وإقامة أرضية
اجتماعية مشتركة، استنادا إلى وقائع، بدلا من الخوف والأكاذيب.
وفي حين أن التعليم يشدد على أن المهارات التقنية
يمكن أن يكون لها استخداماتها، يجب أن يتم الاستمرار في التأكيد، دون حرج أو
تبرير، على أن الجميع يؤمن بأن بحصيلة التدريب في الفنون الحرة والعلوم. وأي شيء
أقل من ذلك ربما يكون كارثيا.
https://www.blogger.com/blogger.g?blogID=6381009871392181471#editor/target=post;postID=8292352513225322613
0 comments: