حزب الله كسب المعركة في سوريا
بواسطة : كولن كلارك وتشاد جيم سيرينا 27-1-2017
ترجمة بلال مشلب
وكالة نيوز
دخلت الحرب الأهلية السورية عامها السادس،والبلد الذي تم تدميره اصبح غير قابل للإصلاح.ورغم جهود التسية التي قام بها المجتمع الدولي لوقف اطلاق النار،الا ان الضرر قد وقع حتماً.منذ بدء الحرب في عام 2011، ما يقدر بنحو أربعمائة ألف من السوريين قتلوا و ما يقرب من خمسة ملايين هاجروا من البلاد وأكثر من ستة ملايين تشردوا داخليا.كما تعرضت معظم المدن الرئيسية، بما في ذلك محور التجارة حلب لنكسات جعلتها تحت الانقاض.
الكثيرين خسروا في النزاع الدائر،الا ان البعض استفاد كثيراً.ولعل أكثر من استفاد من هذه الحرب هي المجموعة الإرهابية حزب الله.
حزب الله هو الميليشيا اللبنانية الموالية للثورة الإيرانية.يمتلك القوة الكافية التي تجعل منه قوة سياسية ايضاً ويسيطر على عدد من مقاعد البرلمان.اما عسكريا يمتلك الحزب قوة هجينة ممزوجة ما بين القدرات العسكرية التقليدية وغير التقليدية،تجعله يتغلب على خصومه في الكثير من الاحيان والمعارك.كما يمتلك شبكات اجتماعية واسعة في جميع انحاء لبنان.وبقيادة حسن نصر الله،تمكن حزب الله منذ فترة طويلة الحفاظ على علاقاته مع إيران وسوريا،والتي كانت تحتل أنحاء لبنان بين عام 1976 - 2005. ولسنوات عديدة كانت سوريا ممرا خلالها تمكنت إيران من نقل الأسلحة إلى حزب الله.
حزب الله زحف الى سوريا، ولا سيما في الفترة التي ساءت فيها ظروف نظام الأسد في تطور مراحل النزاع.وتحول دور الحزب من المشورة والمساعدة نوع إلى تدخل مباشر والتدريب للوحدات السورية والميليشيات الاخرى،وميدانياً على جبهات القتال وذلك في الهجوم البري في أبريل 2013 في القصير في محافظة حمص.وفي أواخر ديسمبر، حزب الله ساعد نظام الأسد على استعادة حلب.فلماذا قرر حزب الله ارسال أعضائه ومقاتليه للقتال والموت في سوريا، وماذا حصل؟
حزب الله اكتسب الخبرات والتجارب في المناطق الكثيفة والبيئات الحضرية،فضلا عن الإلمام بالقتال ضد أعداء يختلفون كثيرا عن قوات الدفاع الإسرائيلية.كما انخرطت في مواجهات قتال ضد جهات فاعلة اخرى،بما في ذلك تنظيم الدولة الاسلامية.ولعل من الاسباب التي دفعت حزب الله للقتال في سوريا هي مواجهة تأثير المجموعات السلفية-الجهادية في جميع أنحاء المنطقة،فضلا عن تزايد شعبيتها في لبنان.
حزب الله استفاد أيضا من توسيع التحالف مع سوريا وإيران والذي عرف بالمحور الشيعي وانضمت روسيا اليه ايضا.وفي الواقع،اشارت تقارير وتحقيقات من مسؤولين امريكيين أن حزب الله لم يعمل فقط على أرض الواقع جنبا إلى جنبا مع الحرس الثوري الإيراني وقادة فيلق القدس،لكن أيضا مع قوات العمليات الخاصة الروسية المتطورة جداً.هذا القتال اكسب حزب الله ومجموعاته امكانيات تكتيكية وخبرات عالية وواسعة في التعاطي مع الجيوش النظامية والقيادة والسيطرة على القوات وتوزيعها والعمل بشكل نظامي ايضاً والتكيف مع البيئة المحيطة وكلها يمكن تصديرها الى لبنان.
في السنة الماضية قطعت السعودية مساعداتها عن لبنان،مما فتح الباب للايرانيين لتعزيز تأثيرهم من شرق الى غرب والذي يمتد من العراق مروراً بسوريا الى لبنان، الذي كان أكثر صعوبة من العراق.هذا النزاع قام على شكل حرب بالوكالة وسرعان ما ترك بصمته على كل جانب من جوانب العلاقة السعودية-الإيرانية الدينية،الجغرافية،السياسية والاقتصادية.
يحظى حزب الله بالدعم الشعبي القوي ليس فقط في لبنان و بين الشيعة،ولكن في جميع أنحاء العالم العربي خاصة ابان حرب 2006 ضد إسرائيل التي اكسبته أنصاراً من خارج ديانته.الا ان هذا الدعم انحسر بنسبة معينة(على الأقل بين السنة) منذ النزاع الذي اتخذ على الطابع الطائفي في سوريا.حيث اشار الباحث في جامعة ميريلاند فيليب سميث،ان نظام الأسد تعاقد في حربه مع الشيعة من أفغانستان وباكستان وكافة أنحاء آسيا الوسطى.
وعلى الرغم من الاستفادة والسيطرة الكبيرة التي حققها حزب الله في دخوله اتون الحرب السورية،فإنه أيضا عانى خسائر كبيرة.ففي أربع سنوات من القتال في سوريا،فقد الحزب اعداداً من المقاتلين ما لم يفقده خلال 18 سنة بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.حيث فقد حوالي ألفي مقاتل وحوالي ستة الاف من الجرحى.هذا الثمن الذي دفعه الحزب وكلفه هذا العناء يعود الى امرين:أولا،تمكن حزب الله من تحسين قدراته في القتال،وسوف يكون قادرا على الاحتفاظ بالقوة والخبرة في الأعمال العدائية،لأن حزب الله محصناً في لبنان،وسوف يكون قادرا على إعادة بناء قوته مع مرور الوقت مع المجندين الجدد وتدريبهم على التكتيكات والعبر المستفادة في سوريا،اضافة الى الحفاظ على العلاقات مع منظمات و نشطاء عملت معه في سوريا.وحسب التوقعات أنه قد لا ينفذ الحزب للأعمال العدائية في المدى القريب،فمن المؤكد أنه يقوم بتحسين قدرته على القيام بذلك من خلال الخبرة في سوريا.ثانيا،سيكون حزب الله قادرا على ترجمة وقراءة ساحة المعركة بفطنة الى السلطات السياسية في لبنان.
على الصعيد المحلي،من المرجح استمرار حزب الله في تحقيق النجاح في تصوير نفسه على أنه "قوة مقاومة" واستغلال تضحياته في سوريا ونقلها إلى السلطة السياسية في لبنان.في أواخر أكتوبر، ميشال عون، وهو الماروني المسيحي،انتخب رئيسا للبنان،لينهي بذلك عامين من الجمود الذي أبقى الوظيفة شاغرة.وكان حزب الله داعمه الابرز للوصل الى سدة الرئاسة. وبالرغم من خسائره التي لم يسلم منها في الحرب الأهلية في سوريا،حزب الله حصل على الزخم الكبير في لبنان وفي جميع أنحاء المنطقة.ورغم تحوله من حزب سياسي لبناني الى ميليشيا عالمية إرهابية،فقد عزز الحزب مكانته باعتباره لاعبا قوياً في منطقة الشرق الأوسط.
كولن كلارك وتشاد جيم سيرينا هما خبيرين سياسيين في مؤسسة راند الغير ربحية.
0 comments: