كلفة اللعّب بالأمن الإيراني
تسعى بعض الدول الإقليمية إلى أن تخوض حربا على إيران بوسائل الإرهاب، لتؤكّد بأنّ المجال الإيراني ليس بمنأى عن قدرات جماعاتها الوظيفية. وبالفعل كانت العمليتان التي نفذتها عناصر متطرفة استهدفت بها مرقد الإمام الخميني والأخرى مستهدفة البرلمان، رسالة وفي الوقت نفسه ثأر من بلد يزعجهم أنه استطاع أنّ يؤمن الاستقرار والأمن على امتداد آلاف الكيلومترات من حدوده مع جوار غير مريح. لا زال الأمن في إيران يعتبر أعجوبة لأنّ حدود إيران غير آمنة وهي أكبر بكثير من كل هذه الدول التي تواجه اليوم الإرهاب. فإيران تعاقب أمريكيا وإسرائيليا وخليجيا، وما تبقّى هو مجرد كومبارس في معركة هدرت فيها ملايير الدولارات من ثروات الشعوب. اليوم لم يعد هناك من إمكانية لمواجهة إيران سواء على مستوى شنّ الحرب عليها أم محاربتها في ميدان معارك الإرهاب في سوريا والعراق. ويبدو أنّ القضية لا تقف عند داعش وإن بدا أنها تبنت العملية الإرهابية في طهران، بل هناك ما هو أخطر أي أنّ منظمة مجاهدي خلق الذي يسميها الإيرانيون منظمة منافقي خلق، هي تؤمن بهذا النوع من الحرب الإرهابية وهي تعيد تشكيل نفسها بل وجدت لها ممولا جديدا بعد أن طردت من العراق. التلويح بنقل المعركة إلى داخل إيران لا يعني أكثر من تغيير الجماعات الوظيفية، حيث في الوقت الذي تندحر فيه داعش في سوريا والعراق تسعى القوة الرجعية لإيجاد تحالف وهّابي مع منشقين إيرانيين إرهابيين وتمكينهم من الدعم اللازم لزعزعت الاستقرار في إيران. تبدو المفارقة هنا أيضا ملففتة للنظر..التنظيم الإيراني المنشق بلغ ذروة الثأرية، وتبيّن أنّه ليس تنظيما ماركسيا كما يدّعي بل هو مستعد للعمالة للإمبريالية والرجعية وها هو يتحول إلى جماعة وظيفية وهّابية مثل داعش، ما يعني أنّ الصراع اليوم ليس صراعا طائفيا مذهبيا بل هو صراع بين قوى الهيمنة الإمبريالية وقوى الممانعة، والمذاهب هي ضحية في هذه المعركة المصيرية: فمنافقي خلق لا هوية لهم ولا دين ولا أيديولوجيا غير الثأر، بل هذه مجموعة تنتسب للجغرافيا الشيعية ولكنها تتحالف مع الوهابية بسلاسة. وهي تخضع لنوع من الجدل المعكوس، حين تحوّلت إلى شكل من الماركسية الوهابية غريبة الأطوار.
الدخول على خطّ المجوعة الإيرانية المنشقة الإرهابية لا يمكن أن يشكل عنصر ضغط على إيران بل قد يزيد في وحدة الصف الإيراني ويزيد من قناعة الشعب الإيراني بأنّ الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة تقطع كل حبال الرجعة وبأنّ اللعب بنار الإرهاب في المجال الإيراني ستكون له حتما ردود فعل وخيمة. كلفة اللعب بنار الإرهاب في دولة حزب الله مكلفة، بل مغامرة ستكون ككل المغامرات الفاشلة التي استعملت في السنوات الماضية. بعض الدول لعبت على الوتر الطائفي وأفسدت البيئة الإقليمية بحساسيات زائفة، ولكنها لن تملك أنّ تشتري المستقبل..تكرار الأخطاء بات أمرا طبيعيا..ترامب غير مستعد لإعلان حرب مباشرة ولكنه مع الفوضى التي تجعل الطلب على الحماية سوقا جديدة: أي تحويل الأمن والحماية إلى سوق يخضع للعرض والطلب. الأزمات هدف للسياسة الأمريكية حيث الحاجة إلى أمريكا تقتضي الفوضى الخلاّقة.
ادريس هاني
كلفة اللعّب بالأمن الإيراني
Tags:
إدريس هاني ..كاتب ومحلل
0 comments: