يهود إيران لا ينوون المغادرة
رغم محالتهم ك"مواطنين درجة ثانية"، فإن اليهود الذين يعيشون في إيران راضون عن وضعهم وينوون البقاء والاستمرار في التقاليد اليهودية الفارسية القديمة
تكون إيران، التي يعيش فيها يهود منذ أكثر من 3,000، ثالث كبريات الجاليات اليهودية في الشرق الأوسط، بعد إسرائيل وتركيا. حسب بعض التقديرات، يبلغ عدد اليهود الذين يعيشون فيها من 9000 حتى 20,000 ويعيشون في ثلاثة تجمعات رئيسية- طهران، شيراز وأصفهان.
يبلغ تعداد سكان إيران حتى 77 مليون، أغلبهم من الشيعة المسلمين ويحكمها رجال دين محافظون. وعاش في فترة حكم الشاه في إيران نحو 100 ألف يهودي، لكن أغلبهم فر من البلاد بعد الانقلاب سنة 1979.
إذن لماذا، رغم المطالبات اليومية التي تصدر من إيران: الموت لليهود وإسرائيل"، يصر أبناء الجالية اليهودية أن يبقوا فيها؟
يمكن للأمر أن يثير عجب الكثيرين في العالم، وخاصة اليهود الذين يعيشون خارج إيران، لكن كثيرين من الجالية اليهودية الفارسيّة القديمة يصرون على أن الحياة فيها جيدة، يحظون بتساو في الحقوق، أغلبهم من الطبقة الوسطى- المثقفة، لديهم أملاك، عائلات، عمل، ولا يرون بذلك أية مشكلة، حتى وإن كانت إسرائيل، دولة اليهود، تعد عدو بلادهم الأكبر.
واجه أبناء الجالية اليهودية تحديات كثيرة في فترة رئاسة أحمدي نجاد. كانت معاملة اليهود قاسية، انتهكت حقوقهم كثيرا، بل واتهمهم نائب الرئيس قائلا "كل اليهود تجار مخدرات".
لكن منذ بداية تولي الرئيس الحاليّ، حسن روحاني، منصبَه، يبلغ اليهود عن تحسن بارز في حالهم، سواء من ناحية السُّلطات، أو من ناحية المجتمع الإيراني. لقد سمحت حكومة روحاني للمدارس اليهودية أن تغلق أبوابها يوم السبت. لقد خُصص حوالي 400
ألف دولار لمستشفى يهودي في طهران، ودعا المشرِّع اليهودي الوحيد في البلاد أن يرافقه إلى جلسة الأمم المتحدة في نيويورك في السنة الماضية.
لقد نُشر هذا الأسبوع أن الحرس الثوري الإيراني قد ساعد بنفسه على إرجاع كتاب توراة قديم قد سُرق من الجالية اليهودية. الكتاب، وهو أحد المخطوطات الأقدم في العالم- أعيد إلى أيدي الجالية اليهودية في إقليم شيراز جنوب إيران، في مراسم رسمية شارك فيها نائب الجالية اليهودية في البرلمان الإيراني. خلال المراسم، سلّم النائب رسالة شكر رسمية للسلطات، من قبل اليهود. من بين ما كتب مُنتَدبو الجالية اليهودية في رسالتهم عن الجهود التي بذلتها السلطات لإعادة الكتاب، أن هذا الأمر "يثبت الاحترام والتقدير اللذين يوليهما الحكم الإسلامي لكل الديانات التوحيدية".
تُكثر السلطات الإيرانية، ومعها الإعلام ووكالات الأنباء الموالية للحكومة، من إبراز تعاملها الجيد للجالية اليهودية، دليلا على كون إيران دولة متسامحة ومتقدمة.
سياماك ميريه هو نائب برلماني يهودي إيراني، يعمل من أجل تحسين وضع اليهود في إيران، والحفاظ على مصالحهم في الجمهورية الإسلامية. أحد أهدافه هو تحسين مركز اليهود "كدرجة ثانية". إنهم يستطيعون ممارسة شعائرهم الدينية والاختيار، نعم، لكن لا يُسمح لهم بتولي وظائف رفيعة المستوى.
لكن رغم مركزهم الثانوي، يحس يهود إيران بالأمان والرضا، ولا ينوون مغادرة البلاد قريبا، أو بتاتا. إنهم يدأبون على التأكيد أن الفرق كبير بين اليهود والصهيونيين، وأنهم غير صهيونيين، لأنهم لا يطمحون للقدوم لدولة إسرائيل. إنهم ينوون الاستمرار بما عهدوه من تقاليد ذات 3,000 سنة في البلاد الإيرانية.
0 comments: