معاريف"، 4/1/2019
العميد (في الاحتياط) إيلي بن مئير - مدير عام الاستخبارات والسايير في شركة سدما غروب للحماية
- كما في كل ختام للسنة المدنية وبداية سنة جديدة، تنشغل الجهات الأمنية في إسرائيل في وضع خلاصات وتقديرات للوضع المقبل. وهذه السنة العملية مهمة ومعقدة أضعافاً مضاعفة: رئيس هيئة الأركان ونائبه سيتغيران، والقيادة السياسية دخلت في مرحلة انتخابات، وصورة التهديدات الأمنية والوضع الأمني الجيو - استراتيجي ما زالا يشكلان تحدياً. من خلال معرفتي برئيس هيئة الأركان الجديد أفيف كوخافي ونائبة إيال زامير، لا شك لدي في أنهما خلال عملية تعلُّمهماـ تعمقا في فهم تقديرات الجهات الاستخباراتية المتعددة ودلالاتها المباشرة بالنسبة إلى بناء القوة واستخدامها.
- مع ذلك، سيجري فحص التقديرات الاستخباراتية، بين أمور أُخرى، في سياقات سياسية، إذ إن جميع الآراء السياسية في المجلس الوزاري المصغر ستشكل تحدياً للجهات الأمنية. بالإضافة إلى ذلك، سيزداد احتمال تسريب النقاشات، وستزداد معه صعوبة ترجمة المعلومات الاستخباراتية إلى عملية بالإضافة إلى ضعف قدرة المستوى السياسي على اتخاذ قرار بعملية عسكرية.
- في هذه المرحلة الحساسة يجب أن نفترض أن أعداءنا سيحاولون تحدّينا، وأن يشدوا الحبل ويحاولوا توسيع حدود الساحة، سواء خلال الانتخابات أو فور تشكيل حكومة جديدة. على أي حال يجب على أجهزة الاستخبارات إجراء تقدير إضافي للوضع فور انتهاء الانتخابات، يشمل نتائج هذه الانتخابات وتأثيرها في أعدائنا وأصدقائنا في العالم.
- فيما يلي القضايا التي يجب أن تُعرض على المستوى السياسي ومن المحتمل أن تؤثر في الوضع الأمني في المنطقة في الأشهر المقبلة: المعركة على حرية عمل إسرائيل - في مواجهة الساحة السورية الآخذة في التشكل من جديد تحت حكم بشار الأسد مع إعادة بناء عسكرية وسياسية؛ وأيضاً في مواجهة غزة التي تبلور فيها أمر واقع من نوع ميزان ردع متبادل، من المحتمل أن تستخدمه "حماس" لتحدّي إسرائيل (التي يمكن أن تحاول التأثير في نتائج الانتخابات كما فعلت في الفترة التي سبقت الانتخابات سنة 1996) أو أن تستخدمه تنظيمات غزاوية مدعومة من إيران. وطبعاً هناك حرية العمل في لبنان، مع استمرار محاولات إيران وحزب الله تزويد الحزب بمكونات قوة تشمل بناء قدرات خاصة داخل لبنان.
- إلى جانب ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار تأثير الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا والصين في إسرائيل. ومن المثير للاهتمام أن صديقتنا المركزية، الولايات المتحدة، ضعفت في ظل استمرار جدلها الداخلي وانقسامها السياسي، ويبدو أنها تخلت مجدداً عن تدخّلها الفعال في الشرق الأوسط. ونتيجة لذلك، ضعفت مكانتها في العالم السنّي، وتأجل إعلان مبادرة حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. من جهة أُخرى، تزداد مكانة روسيا قوة، سواء في عملياتها في شبه جزيرة القرم أم في سورية، مع ازدياد الاحتكاك بإسرائيل، وازدياد احتمال التضارب في المصالح بين الدولتين. في المقابل يجب أن نأخذ في الحسبان حرب التجارة بين الصين والولايات المتحدة، في ضوء ازدياد تدخّل الصين التجاري في الشرق الأوسط بصورة عامة وفي إسرائيل بصورة خاصة.
- يبدو أن الاضطرابات الإقليمية التي شهدناها في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة توشك على الانتهاء. وبعد عمليات التفكك والاضطراب التي شهدناها، نحن أمام مرحلة نشوء أشكال جديدة. هذا ما يحدث على الساحة السورية، حيث يترسخ مجدداً نظام الأسد، وفي العراق وفي مصر، ومن المحتمل أيضاً في اليمن.
- وكالعادة، سترافقنا في السنة القادمة مشكلة النزاع الإسرائيلي -الفلسطيني. في أبعادها العنيفة في قطاع غزة، كما شهدناها في الأشهر الأخيرة مع احتمال تصعيد أوسع، وأيضاً في منطقة يهودا والسامرة [الضفة الغربية] حيث يوجد احتمال كبير للانفجار، نتيجة ضعف السلطة الفلسطينية، ووضع زعامة أبو مازن، والصراع الخفي المحتدم على وراثته. والمسائل المطروحة على الطاولة هي استمرار التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية في السلطة، ومبادرات دولية، والتدخل المصري في قطاع غزة وغير ذلك.
- وهناك التهديد الإيراني. سيستمر احتمال الاحتكاك بإيران أو بالقوات الدائرة في فلكها في الدول المحيطة بإسرائيل، ويُحتمل أن يزداد. وذلك في ضوء محاولات إيران التمركز في سورية، وتحسين قدرات حزب الله العسكرية، وفي مواجهة استمرار فرض العقوبات عليها والتورط الإسرائيلي في محاربة المشروع النووي، وجهود التزود بصواريخ دقيقة.
- في الختام، هناك التهديد السيبراني وتحدي الأخبار الملفقة عن إسرائيل - كونها دولة متطورة من الناحية التكنولوجية وديمقراطية تشجع الإعلام، يجعلها مكشوفة أكثر للتهديد السيبراني من دول وجِهات إجرامية. يجب أن نستعد أيضاً لمواجهة المحاولات المتزايدة للتأثير في وعي الجمهور الإسرائيلي عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام.
- تنطوي سنة 2019 على تحديات كثيرة ستزداد بسبب مرحلة الانتخابات. التحليل الصحيح لهذه التحديات والاستعداد الملائم لها يمكنهما من تقليص المخاطر، والعثور على الفرص التي تنطوي عليها.
0 comments: