Tuesday, June 19, 2018

تقارب روسي-إسرائيلي رغم تصعيد تل أبيب

تقارب روسي-إسرائيلي رغم تصعيد تل أبيب


تقارب روسي-إسرائيلي رغم تصعيد تل أبيب


على الرغم من التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق ضد المواقع الإيرانية في سوريا خلال شهر مايو الجاري، واستهداف نحو خمسين مقراً عسكرياً، وقتل عدد من كبار الضباط الإيرانيين، فيما رآه البعض تعدياً على مكانة روسيا ونفوذها في سوريا؛ إلا أن موسكو حرصت على توجيه دعوة إلى نتنياهو للمشاركة في الاحتفال بيوم النصر على النازية بعد العملية الإسرائيلية بيومين فقط.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن العلاقات الإسرائيلية-الروسية قد شهدت تطوراً كبيراً في الأيام الماضية، حيث تم إبرام تفاهمات عميقة حول الساحة السورية، تضمنت منح تل أبيب الضوء الأخضر لشن المزيد من العمليات الجوية شريطة أن لا يؤدي ذلك إلى إحداث ضرر أو إصابات في صفوف الجانب الروسي.
وتشير المصادر إلى أن التنسيق العسكري بين المؤسستين العسكريتين الإسرائيلية والروسية قد بلغ أوجه في الأيام الماضية، خاصة وأنهما يتقاسمان مصالح استراتيجية مشتركة، إذ ليس من مصلحة تل أبيب أن ترى سوريا مفككة، تحكمها فصائل متشددة، كما أنها ترغب في بقاء النفوذ الروسي كصمام أمان لكبح جماح إيران و”حزب الله” والنظام، ومنع امتداد الصراع عبر الحدود.
ويبدو أن كلا الطرفين لا يرغبان بتغيير قواعد اللعبة في الوقت الحالي؛ فعلى إثر الضربة الإسرائيلية الأكبر في 10 مايو؛ التقى نتنياهو ببوتين في موسكو (12 مايو) ضمن جهود يبذلها الرئيس الروسي لتخفيف التوتر بين إيران وإسرائيل وذلك بعد أقل من 24 ساعة على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران.
وجاء توقيت زيارة نتنياهو ملفتاً للانتباه بالنظر للأوضاع المتوترة المحيطة بإسرائيل، حيث خرج “حزب الله” وحلفاؤه منتصرون في الانتخابات النيابية اللبنانية (6 مايو)، وعمدت الولايات المتحدة إلى نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس (15مايو) على وقع مجزرة إسرائيلية أودت بحياة أكثر من ستين فلسطينياً.
في هذه الأثناء يتردد الحديث في بعض العواصم العربية والغربية عن تحول في الموقف الروسي إزاء إيران.
وظهرت ملامح ذلك التحول في تعبير مصادر إيرانية مسؤولة عن قلقها من التقدم الروسي في سوريا مقابل إضعاف الدور الإيراني، حيث علقت صحيفة “آفتاب يزد” التابعة للتيار الإصلاحي الإيراني، على موقف موسكو من الضربات العسكرية بالقول إن: “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترك الأسد وحيداً وتخلى عنه أثناء الضربة العسكرية التي وجهت لمواقع النظام بسوريا… ولم تبدي القوات الروسية أية ردة فعل… بل وقفت موقف المتفرج على الضربة العسكرية”.
وعلى الصعيد نفسه؛ هاجم موقع “تابناك” المقرب من الحرس الثوري الإيراني، رد فعل موسكو إزاء انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، مؤكداً أن: “روسيا تتلاعب بالمصالح الإيرانية، من خلال تصريح نائب وزير الخارجية الروسي بأنه لا يمكن الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني دون تقديم تنازلات من إيران”، مضيفاً أنه: “خلال المائتي عام الماضيين عُرف الروس في الذاكرة الإيرانية بنكثهم للعهود، ونحن نشاهد الآن تغير الاستراتيجية الروسية تجاه إيران بعد خروج ترامب من الاتفاق النووي”. واتهم الموقع روسيا بالتلاعب بالورقة الإيرانية قائلا: “يبدو أن الروس قد أجادوا اللعب بالورقة الإيرانية، ويرغبون باستخدامها في الوقت الحالي للحصول على امتيازات من الغرب”.
كما هاجم موقع “جهان نيوز” التابع للمحافظين موقف موسكو من القصف الغربي-الإسرائيلي لسوريا، معتبراً أن الهجمات التي تلقاها “محور المقاومة” في سوريا قد تمت عبر “تواطؤ روسي- إسرائيلي”.
ويبدو أن تنامي التوتر الإسرائيلي-الإيراني قد مثل فرصة سانحة لبوتين لتعزيز موقفه الدولي كوسيط فاعل في الشرق الأوسط، حيث رأى موقع “بلومبيرغ” (5 مايو 2018) أن موسكو ترغب في الاستفادة من كونها القوة الوحيدة التي تقيم علاقات مباشرة مع كل من طهران وتل أبيب للعب دور الوسيط في سوريا، حيث عقدت موسكو لقاءات منفصلة بين مبعوثين من إسرائيل وإيران في سوتشي، بهدف التوصل إلى تسوية بين البلدين، الأمر الذي فسر صمت إيران إزاء قصف موقعها في قاعدة (T4)، وردها “الهادئ” المتمثل في الاكتفاء بإطلاق 20 صاروخاً، وسيلاً من التهديدات اللفظية، مقابل الهجمات الإسرائيلية.
وللاستمرار في ممارسة دور الوسيط الفاعل؛ حرصت موسكو على إبقاء حالة من الغموض حول طبيعة موقفها من التصعيد الغربي؛ حيث أبدت استعدادها للإصغاء لشكاوى ومخاوف الإسرائيليين والإيرانيين على حد سواء، وقدمت لهما “وصفات” لتخفيف الاحتقان، دون التحيز لأي من الطرفين، في حين يدرك الإيرانيون والإسرائيليون أن روسيا هي الدولة الوحيدة التي يمكنها الذهاب معهم لآخر مدى في التعامل مع المسائل المصيرية، والقيام بنقل الرسائل وقياس المزاج في كل من تل أبيب ودمشق وطهران، الأمر الذي لا تستطيع أي من الدول الغربية القيام به.

مناورة روسية للتواصل مع واشنطن حول إيران عبر تل أبيب

مناورة روسية للتواصل مع واشنطن حول إيران عبر تل أبيب

مناورة روسية للتواصل مع واشنطن حول إيران عبر تل أبيب


اتخذ بوتين في غضون الأسبوع الثالث من مشهر مايو الجاري خطوات عسكرية يستعرض فييها تصميمه على بقاء الأسد في الحكم، وإظهار نفوذ موسكو في دمشق، ففي خطاب وجهه للقيادة العسكرية العليا في اجتماع عُقد يوم الأربعاء 16 مايو بمنتجع سوتشي قال بوتين: “نظرا لاستمرار تهديدات الإرهاب الدولي في سوريا؛ فإننا سننشر سفننا التي تحمل صواريخ كاليبر بشكل دائم في البحر المتوسط”، مؤكداً ضرورة استمرار المناورات والتدريبات البحرية، حيث ستقوم السفن والغواصات الروسية بنحو 102 تدريب بحري في الفترة المقبلة، وذلك للتأكيد على أن القوات المسلحة الروسية ستواصل تعزيز الجناح البحري لقواتها النووية.
وبعد ساعات من ذلك التصريح؛ كشفت مصادر في موسكو عن تسليم روسيا للنظام السوري منظومة صاروخية جديدة يُطلق عليها “جولان-1000″، والتي يتم تركيبها على هياكل دبابات تي-72 وتحمل الواحدة منها ثلاث سبطانات عيار 500 ملم كل واحدة منها مذخر بذخيرة انشطارية شديدة التفجير يصل وزنها إلى 500 كيلوغرام.
وتؤكد مصادر عسكرية من موسكو أن هذا السلاح قد وضع في الخدمة بالفعل لدى الفرقة الرابعة المدرعة.
ووفقاً لتقرير مني مطلع (18 مايو 2018) فإن الهدف من نشر هذه المنظومة الصاروخية الجديدة هو رسم خطوط جديدة للدور العسكري الروسي في سوريا، يتمثل في:
1- الاستمرار في عدم التدخل بالهجمات التي تشنها إسرائيل على الأهداف الإيرانية في سوريا.
2- عدم الاعتراض على الخطط الإسرائيلية في الجنوب السوري، بحيث يُترك لتل أبيب حرية الحركة في مواجهة المد الإيراني في المحافظات الجنوبية بالقرب من الحدود الأردنية والإسرائيلية.
3- نشر سفن حربية روسية محملة بصواريخ كاليبر قبالة سواحل سوريا ولبنان وإسرائيل، لحماية المصالح الروسية في حال احتدام الصراع بين تل أبيب من جهة وإيران وحلفائها من جهة أخرى.
4- تعزيز الخط الساخن بين حميميم وقيادة الأركان الإسرائيلية بخطي طوارئ إضافيين أحدهما يربط الكرملين مباشرة بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، والثاني بين قيادة قاعدة طرطوس البحرية وقيادة البحرية الإسرائيلية في حيفا، وذلك بهدف إبقاء الوضع تحت السيطرة والحيلولة دون وقوع حوادث قد تنتج عن سوء الفهم.
ونظراً لأن بوتين يدرك أن مكتب نتنياهو يمتلك خطاً ساخناً مع البيت الأبيض؛ فإنه يرغب في إبقاء الخطوط مفتوحة مع واشنطن عن طريق تل أبيب، وهو الأمر الذي تمت مناقشته أثناء لقاء نتنياهو ببوتين في 9 مايو الماضي.
ووفقاً للمصدر نفسه فإن الهدف من هذا الإجراء هو إرسال رسالة لواشنطن تفيد بأن موسكو لا تزلا مستعدة للتوصل إلى تسوية مع ترامب بشأن القضايا العالمية بما في ذلك المسألة السورية.
كما يرغب بوتين من توظيف الخط الساخن بمكتب نتنياهو لتلقي وإرسال الرسائل المتعلقة بدور إيران في المنطقة، إذ يبدو بوتين غير معترض على العمليات الإسرائيلية ضد إيران، ويرغب في إشعار الولايات المتحدة أنه مستعد للتعاون في إضعاف الدور الإيراني بالجنوب السوري، ولكن بطريقة لا يؤثر على تحالفاته الاستراتيجية مع طهران ودمشق.

ملامح صفقة سورية جديدة على خلفية أستانة (9) ولقاء بوتين بالأسد

ملامح صفقة سورية جديدة على خلفية أستانة (9) ولقاء بوتين بالأسد

ملامح صفقة سورية جديدة على خلفية أستانة (9) ولقاء بوتين بالأسد


أكدت مصادر أمنية أن واشنطن وتل أبيب تعملان على إقناع بوتين بإقرار خطة جديدة تتضمن موافقة الدول الغربية والعربية ببقاء بشار الأسد في الحكم تحت كنف روسيا إذا تم التخلي عن النفوذ الإيراني، وهي الصفقة ذاتها التي عرضتها بعض الدول العربية على دمشق في الآونة الأخيرة، حيث ترغب هذه الدول في التوصل إلى اتفاق أمريكي-روسي يفضي إلى دخول قوات عربية في مناطق محددة بموافقة جميع الأطراف الإقليمية.
ووفقاً للمصادر نفسها؛ فإن روسيا تبدي تعاوناً جيداً مع تلك الترتيبات، حيث ترغب موسكو في الاستفادة من الضربات الإسرائيلية لإضعاف النفوذ الإيراني وإرغام الأسد على إبعاد نفسه عن إيران، فقد أطلقت إسرائيل نيرانها بعد ساعات فقط من اجتماع عُقِد بين نتنياهو وبوتين، وأبلغت إسرائيل روسيا بتفاصيل ضرباتها في وقت مبكر، ولم تطلق بطاريات الدفاع الجوي الروسية المتمركزة في سوريا النيران على الطائرات الإسرائيلية، وأكد مسؤولون إسرائيليون أن روسيا تبنت موقفًا “غير مبالٍ” إزاء التصعيد الإسرائيلي، معتبرين أن الأسد أصبح أكثر اعتماداً على روسيا من أي وقت مضى وذلك مقابل اضمحلال النفوذ الإيراني، بحيث بات الأسد يدرك أن استمرار تحالفه مع إيران سيزعزع استقرار حكمه وربما يؤدي إلى الإطاحة به.
ويأمل الفريقان في واشنطن وتل أبيب إقناع روسيا بإمكانية لعب دور أساسي في صياغة مستقبل سوريا وفق ما يحفظ مصالحها ويضمن استقرار المنطقة وجلب التمويل الخليجي الازم لمشاريع إعادة الإعمار، وذلك من خلال إنشاء نظام مستقر موالٍ لروسيا ومقبول من المجتمع الدولي حتى وإن بقي بشار الأسد على سدته في غضون السنوات الثلاثة المقبلة، وتبدو روسيا مهتمة بهذه الصفقة التي من شأنها تحويل تدخلها العسكري الدامي في سوريا إلى قصة نجاح.
في هذه الأثناء؛ يدرك نظام دمشق أنه لا يستطيع تحقيق الاعتراف الدولي والتمتع بالاستقرار من دون مليارات دول مجلس التعاون التي التزم قادتها بتوفيرها في حال تخلى بشار عن الدعم الإيراني وآثر العمل على إعادة إعمار نظامه المنهك.
كما أن هذه الصفقة ستضمن للأسد تغاضي المجتمع الدولي عن جرائمه واستعادة السيطرة على سائر الأراضي السورية من خلال تسوية سياسية تقر ببقائه في الحكم، وترفع عنه العقوبات الدولية، مقابل تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم بعض عناصر من المعارضة المهجنة التي أدخلتها “الرياض2” إلى المعترك السياسي.
وتشير المصادر نفسها إلى أن ترامب قد أكد للرئيس الفرنسي ماكرون (23 أبريل) رغبته في التوصل إلى اتفاق عسكري مع موسكو لإعادة توزيع القوات العسكرية في المنطقة، بحيث يتم تحديد مناطق لانتشار القوات الروسية والأمريكية والفرنسية والبريطانية والعربية، إذا قبلت موسكو بذلك.
وبناء على تلك الخطة فقد وافق ترامب على عدم التسرع بالخروج من سوريا، آملاً من ماكرون العمل مع ألمانيا لإقناع بوتين بصفقة يلتقوا فيها معه في منتصف الطريق، مع ضمان عدم استغلال روسيا الانسحاب الأحادي للقوات الأمريكية لمخادعة واشنطن وجعل سوريا ساحة لنفوذها بالتعاون مع إيران.
وقد بادر ترامب إلى إرسال الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط إلى تل أبيب لعرض تفاصيل خطة جديدة تقضي بانسحاب أمريكي على عدة مراحل، بحيث تتضمن المرحلة الأولى تجميع القوات الأمريكية في قاعدة “رميلان” الجوية بالحسكة لمراقبة الحدود السورية-العراقية، وفي قاعدة “التنف” لمراقبة الحدود السورية-الأردنية، ومن ثم العمل في المرحلة الثانية إلى إحلال قوات أوروبية-عربية مكان القوات الأمريكية.
وأكد فوتيل سعي ترامب للتوصل إلى تفاهمات ذات مصداقية مع موسكو، بحيث تحصل واشنطن على ضمانات روسية صلبة بعدم إنشاء النظام السوري أو “حزب الله” أو غيره من المنظمات الشيعية التابعة لإيران قواعد بالقرب من الحدود الأردنية والإسرائيلية، وفي حال تم التفاهم على ذلك وصمدت الاتفاقية مع مرور الزمن، فسيقوم الرئيس بتوجيه الأوامر لإخلاء الجنود الأمريكيين من التنف.
ولإثبات جديتها في حماية المصالح الإسرائيلية؛ أكدت واشنطن التزامها بإرسال حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس هاري ترومان” والأسطول المصاحب لها إلى شرق المتوسط، بحيث يتم المزج بين التصعيد العسكري ضد إيران من جهة، والتفاوض مع الروس خلال الأسابيع المقبلة من جهة ثانية، والعمل في الوقت نفسه على إبرام تفاهمات تتيح إنشاء كيان درزي في الجنوب، وآخر كردي في الشمال وبقاء نظام دمشق تحت الوصاية الروسية في الوسط مما يضمن مناخاً آمناً لإسرائيل في العقود المقبلة.
ويبقى التحدي الأكبر في قدرة بوتين على معالجة حالة الانقسام بين وزارة الخارجية التي ترى ضرورة التوصل إلى اتفاق مع الغرب من جهة، وبين وزارة الدفاع التي لا ترى أي سبب للتنازل للأمريكان الذين ينوون الانسحاب في كل الأحوال.

المشرف العام: د. بشير زين العابدين

رغبة أردنية في التماهي مع مخرجات “أستانة (9)”

رغبة أردنية في التماهي مع مخرجات “أستانة (9)”

رغبة أردنية في التماهي مع مخرجات “أستانة (9)”
في خطة تعزز تحركات عمّان خارج النسق الغربي-العربي في سوريا؛ وصل إلى دمشق وفد اقتصادي أردني (8 مايو 2018) برئاسة رئيس غرفة صناعة الأردن عدنان أبو الراغب، ويضم نقابة المقاولين وغرف التجارة والصناعة ورجال الأعمال وعددًا من الصناعيين، حيث التقى الوفد مع وزراء النقل والصناعة والاقتصاد بحكومة النظام، وأجروا لقاءات أخرى مع اتحاد المصدرين السوريين، وذلك في زيارة هي الأولى من نوعها منذ خمس سنوات.
تأتي تلك الزيارة بالتزامن مع تنامي رغبة عمّان في تثبيت اتفاق “خفض التوتر” في الجنوب السوري من جهة، والتماهي مع توجهات أنقرة لتعزيز حركة التبادل التجاري مع دمشق من جهة أخرى، حيث تحدثت المصادر عن اتفاق تركي-روسي لفتح أوتستراد حلب-حماة-حمص-دمشق، وذلك من خلال انتشار قوات تركية على طول 100 كلم لتأمين المنطقة بالتعاون مع الروس، وكذلك الحال بالنسبة لطريق حلب-غازي عنتاب، والذي تعهدت تركيا بتأمينه وإتاحة مجال حركة المرور وصولاً إلى عندان وتل رفعت، ومن ثم وضع نقاط مراقبة مشتركة بين أنقرة وموسكو، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح لضمان انسياب حركة التبادل التجاري.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد عبر في مؤتمر صحفي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في سوتشي (3 مايو 2018) عن قلقه من التحركات العسكرية التي تجري جنوب البلاد، مشيراً إلى: “”أشياء غريبة تحصل في تلك الأراضي على طول الحدود الأردنية السورية وتتناقض مع اتفاقات وقف إطلاق النار”، الأمر الذي دفع بالصفدي للتأكيد على ضرورة: “الحؤول دون مزيد من التدهور لأنه لا مصلحة لأحد من وراء التصعيد في سوريا”، والتشديد على أنه لا حل من دون روسيا، وإجراء المزيد من الحوارات بين روسيا وأمريكا والدول العربية والمجتمع الدولي بشأن الوضع السوري.
وتخشى عمان من تدهور الأوضاع في الجبهة الجنوبية في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي ومبادرة القوات الأمريكية إلى تحديد منطقة بمحيط 55 كم حول قاعدة التنف العسكرية بالإضافة إلى مخيم الركبان الملاصق للحدود الأردنية كمنطقة يحظر الاقتراب منها من طرف النظام السوري أو إيران والمليشيات الشيعية المقاتلة معها.
وكان رتل عسكري تركي مكون من خمسين آلية، قد دخل فجر الاثنين (14 مايو 2018)، لينشئ نقطة مراقبة جديدة لتأمين مناطق في ريف حماة الغربي وسهل الغاب غربي إدلب.
كما دخل رتل ثانٍ للجيش التركي لإنشاء نقطة مراقبة أخرى في جبل الأكراد، بحيث تغطي كامل ريف اللاذقية الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة وريف جسر الشغور الغربي في ريف إدلب. وبذلك تكون إدلب وأرياف حماة وحلب التي تحيط بها في مأمن من العمليات العسكرية التي لطالما لوحت بها مليشيات النظام في الآونة الأخيرة، ما يُغلق الباب أمام احتمال تقدم المليشيات في ريف اللاذقية أو منطقة جسر الشغور.
وتشير المصادر إلى أن الملك عبد الله يرغب بالتفاهم مع موسكو وأنقرة لضمان إبعاد المليشيات الشيعية عن الحدود الأردنية، في ظل التصعيد الإسرائيلي، والتوصل إلى اتفاق مع دمشق لإنشاء خط تجاري عبر الأراضي السوري لمرور مواد البناء التركية كالإسمنت والحديد المتجهة لدول الخليج عبر الأراضي السورية والأردنية متجاوزة ميناء حيفا الذي تم استخدمه بعد الحرب في سوريا كنقطة وصول للبضائع التركية، حيث كانت ترسو فيه البضائع التركية، ومن ثم يتم تحميلها على شاحنات تنقلها ليلاً إلى الأردن ومنها إلى السعودية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد عرض على الملك عبدالله الثاني فكرة الانضمام لمركز قيادة سورية-إيرانية-تركية لتنسيق العمليات العسكرية في سوريا، بصورة مستقلة عن مراكز القيادة الأمريكية المتواجدة في سوريا.
وأبدى أردوغان تعاطفه مع المخاوف الأردنية حيال اقتراب الميليشيات الإيرانية من الحدود الأردنية، موضحاً للملك عبدالله أن الطريقة الأمثل لمعالجة تلك المخاوف تكمن في مد يد التعاون مع المحور الروسي-التركي-الإيراني، خاصة وأنه لم يعد بالإمكان الوثوق بالقوات الأمريكية.
وكانت مفاوضات فتح معبر “نصيب” قد توقفت في نهاية العام الماضي في مراحلها الأولى لدى تناول قضايا شكلية مثل: آليات الإدارة، ورفع العلم، ومناطق تواجد الفصائل، والطرق التي سيتم العبور من خلالها، في حين تركز المعارضة على إطلاق سراح المعتقلين، والمحافظة على مواقعها في محيط المنطقة.
وأرجأت عمّان مشروع استئناف الحركة التجارية للمعبر، والتي تقدر بنحو 1,5 مليار دولار سنوياً، حتى إتمام مشروعين رئيسين هما:
1- تشييد سياج إلكتروني مُكهرب للمراقبة في شمال الأردن، على طول الحدود مع سورية، يتمتع بتقنيات مراقبة بصرية وإلكترونية بمجسات بارتفاع 3.8 م، ويشمل الحدود الشمالية مع سوريا بطول 375 كم.
2- الانتهاء من برنامج تدريب يضم عناصر موالية لها من المعارضة لتولي الشؤون الأمنية والإدارية في المعبر ومحيطه.

المشرف العام: د. بشير زين العابدين

مشروع إرسال قوات عربية إلى سوريا يتلكأ رغم تعزيزه بقوات أوروبية

مشروع إرسال قوات عربية إلى سوريا يتلكأ رغم تعزيزه بقوات أوروبية
مشروع إرسال قوات عربية إلى سوريا يتلكأ رغم تعزيزه بقوات أوروبية

أكد تقرير أمني (11 مايو 2018) أن الرئيس ترامب لم يتخلى عن قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا، لكنه سلم في الوقت الحالي بأن الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب المفاجئ سيمثل خطراً يصعب التعامل معه في ظل إعلان الولايات المتحدة تخليها عن الاتفاق النووي وتدشينها برنامجاً شاملاً لمناهضة النفوذ الإيراني في المنطقة، ولذلك فإنه أجل تنفيذ قرار الانسحاب وأوكل في هذه الأثناء إلى وزير دفاعه ماتيس وقائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط الجنرال فوتيل مهمة جمع قوات حليفة لتحل محل القوات الأمريكية في سوريا.
ومنذ نحو ثلاثة أسابيع؛ يعكف كل من ماتيس وفوتيل على حشد البدائل الغربية والعربية مدعومين بالجهود الحثيثة التي يبذلها كل من وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، إلا أن فريق الصقور الأمريكي لا يزال بعيداً عن إنجاز هذه المهمة الصعبة.
كانت فرنسا أول المستجيبين، حيث بادر ماكرون، عقب زيارته لواشنطن، بإرسال نحو ألف جندي من القوات الخاصة الفرنسية للمشاركة في التحالف البديل، حيث بدأت عملية نقل الفرقة الفرنسية منذ شهر أبريل، وتم شحن عدد من عربات المشاة المدرعة “أرفيس” من صنع شركة نكستر الفرنسية المصممة للتعامل مع العبوات الناسفة والمقذوفات القوية والسريعة، بالإضافة إلى إرسال شاحنات فرنسية تحمل هوائيات اتصالات على أسطحها، كما حطت في مطلع شهر مايو الجاري مقاتلات “ميراج-2000” وسرب من مقاتلات “رافال” في قواعد بشمال سوريا والعراق.
وأشار التقرير إلى أن الوحدة الفرنسية قد تمركزت في قاعدتين جديدتين كبيرتين تم إنشاؤهما من قبل وحدات الهندسة والبناء الأمريكية بالقرب من الحسكة وخارج منبج، وتقعان بالقرب من الحدود التركية، فيما حطت معظم المقاتلات في قاعدة “رميلان” الأمريكية بمحافظة الحسكة الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية في الشمال.
أما الوحدات البريطانية فقد بدأت في الوصول عقب زيارة قام بها وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى واشنطن (6 مايو 2018)، حيث بادرت المملكة المتحدة إلى إرسال مقاتلات “تايفون” للمنطقة.
ووفقاً للتقرير فإن السعودية والإمارات قد وافقتا على إرسال 1800 جندي بعد ضغوط مضنية من واشنطن، حيث تخضع هذه الفرقة المزمع إراسلها لتدريبات من قبل ضباط في القوات الخاصة الأمريكية خدموا في شرق وشمال سوريا وعلى دراية كبيرة بتلك المناطق، إلا أن عملية تجهيز وإرسال القوات العربية تسير ببطء شديد نظراً لانخراط السعودية والإمارات بالحرب في اليمن وفي عمليات تأمين البحر الأحمر ومكافحة الإرهاب في بلديهما، وسيكون من الصعب في الوقت الحالي ممارسة مزيد من الضغط عليهما ليلتزما بإرسال المزيد من القوات إلى سوريا.
ويمثل إرسال قوات عربية إلى الأراضي السورية تحدياً كبيراً نظراً لرفض رئيس الوزراء حيدر العبادي إرسال هذه القوات عن طريق بلاده، كما واجه وزير الخارجية الأمريكي بومبيو مشكلة في إقناع ملك الأردن بهذا المشروع أثناء زيارته لعمان في الأسبوع الأخير من شهر أبريل الماضي، حيث عبر الملك عبدالله الثاني عن قلقه من مغبة قيام قوات متعددة الجنسيات بدخول سوريا من جهة الأردن، ورفض -وفقاً للتقرير- نقل قوات سعودية وإماراتية إلى الجنوب السوري عبر الحدود الأردنية-السورية، متعللاً بخشيته من ردود الفعل الانتقامية التي يمكن أن تصدر من قبل النظام والقوات الإيرانية المرابطة على مقربة من حدود بلاده.
وأشار التقرير إلى أن جون بولتون واجه رفضاً مماثلاً حينما طلب من الرئيس المصري السيسي مشاركة جنود من بلاده في القوة التي سيتم إرسالها إلى سوريا.
ولا تقف التحديات التي يواجهها مشروع واشنطن عند تعنت الموقف الرسمي العربي، بل تظهر مشكلة أخرى متمثلة في الخلافات العشائرية والفصائلية شرقي الفرات، حيث شهدت الأسابيع الماضية هجمات من قبل “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تشكل “وحدات حماية الشعب” الكردية عمادها الرئيس على مواقع و”قوات النخبة العربية” التابعة لـ”تيار الغد السوري”، برئاسة أحمد الجربا، بريف دير الزور بسبب رفض الأخيرة تسليم سلاحها في المنطقة، مما دفع بالمبعوث الرئاسي الأميركي إلى التحالف الدولي، بريت ماغورك إلى التدخل بصورة مباشرة لوقف الاقتتال.
وتواجه الولايات المتحدة مشكلة مستعصية في ملء الفراغ الناتج عن انحسار تنظيم داعش شرقي الفرت، حيث تمثل التعقيدات العرقية والعشائرية والسياسية معضلة كبيرة في تلك المنطقة،حيث طلبت واشنطن من حلفائها العمل معاً للقضاء على “داعش”، وبادرت إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين “قوات سوريا الديمقراطية” والقوات العربية، تمهيداً لسحب ألفي مقاتل أميركي من شرق نهر الفرات، والشروع في إرسال نحو ألفي مقاتل من الدول العربية، لكن الصراعات التي اندلعت بصورة مفاجئة بين القوى الحليفة لواشنطن قد عرقلت سير الخطة.
ووفقاً لمصادر مطلعة فإن الولايات المتحدة كانت ترغب في نشر قوات مصرية قوامها 10 آلاف مقاتل ضمن ترتيبات وتفاهمات أمريكية-روسية، الأمر الذي يفسر اندلاع الصراع المكشوف بين قوات “قسد” وبين قوات الجربا الذي يقيم في القاهرة ويحظى بدعم الحكومة المصرية، وهو أمر لا ترغب به وحدات حماية الشعب الكردية التي ترغب في الإبقاء على الهيمنة الكردية على المنطقة.

إستراتيجية إيران للرد على التصعيد الإسرائيلي

إستراتيجية إيران للرد على التصعيد الإسرائيلي


إستراتيجية إيران للرد على التصعيد الإسرائيلي


تعرضت المواقع الإيرانية في شهر مايو الجاري لسلسلة هجمات هي الأعنف منذ بداية الأحداث في سوريا، حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف نحو خمسين موقع استخبارات، ومخازن أسلحة، وقواعد عسكرية، وذلك وفق ترتيبات مسبقة مع الروس الذين تم إشعارهم مسبقاً بمواقع الضربات.
وجاء الرد الإيراني خجولاً، حيث تم الإعلان عن إطلاق عشرين صاروخاً، معظمها سقط في الأراضي السورية، في حين التزمت طهران الصمت إزاء عمليات القصف غير المسبوق والذي شمل مواقع في حماة ودير الزور ودمشق ودرعا والقنيطرة، الأمر الذي أثار تكهنات حول الصمت الإيراني، وعدم تحريك “حزب الله” وغيرها من الميلشيات التابعة لها للقيام بأي عمل انتقامي، حيث فسره البعض بأن إيران لا ترغب بتصعيد الموقف في الجنوب السوري، وأنها غير مستعدة للتضحية بمكتسباتها في سوريا، وكذلك في لبنان والعراق، والتي كشفت عنها نتائج الانتخابات النيابية.
ورأت مصادر أخرى أن إيران لن تغادر سوريا في أي وقت قريب، في حين لن تتراجع إسرائيل عن قصف الأهداف الإيرانية في سوريا، متوقعة أن يستمر التصعيد ويصبح أكثر خطورة، خاصة وأن قائد فيلق القدس قاسم سليماني يعد العدة لرد “شرق أوسطي” لا يقتصر على سوريا، بل يشمل اليمن والسعودية ودول مجلس التعاون والعراق.
وتعتمد خطة سليماني، على تحريك الحوثيين والمليشيات الشيعية في العراق وسوريا، دون أن تدفع إيران ثمن ذلك التصعيد، بحيث يتم إطلاق رشقات من الصواريخ ضد أهداف سعودية وخليجية وإسرائيلية بصواريخ أرض-أرض، وذلك بالتزامن مع إعادة تموضع بري للميلشيات التابعة لها في كل من سوريا والعراق.
وتتحدث المصادر عن تحركات للمليشيات الشيعية والإيرانية، في الفترة الأخيرة، لتعزيز قدراتها العسكرية ومضاعفة وجودها خلف خطوط اتفاق خفض التصعيد في الجنوب السوري في ريف دمشق الجنوبي الملاصق للجنوب الغربي السوري بمثلث الحدود الأردنية السورية الإسرائيلية.
ورغم أن انتشار المليشيات الإيرانية والشيعية لا يزال محدودا في الجنوب الغربي السوري، إلا أن مصادر عسكرية في المعارضة أفادت أن هناك تحضيرات عسكرية إيرانية ملحوظة خلف الخطوط، التي حددها اتفاق وقف إطلاق النار بالجنوب، وخاصة في منطقة الكسوة والفرقة الرابعة وقواعد جنوب دمشق وصولا إلى دير العدس، وجميع هذه المناطق هي في ريف دمشق على حدود الجنوب، والملاصقة لبلدتي الصنمين وجباب
وكشفت المصادر أن سليماني قد كلف كلاً من محمود باقري كاظم آبادي، المسؤول عن وحدة الصواريخ في الحرس الثوري الإيراني، والجنرال حاجي زاده لوضع خطة تتضمن إطلاق صواريخ بالستية على أبعاد مختلفة، وقد تم استهداف مواقع سعودية في غضون شهر مايو الجاري، ويتوقع أن تتصاعد وتيرة الحملة في أعقاب حسم الانتخابات النيابية في لبنان والعراق لصالح إيران.
ووفقاً لمصادر مطلعة فإن سليماني لا يرغب في استفزاز إسرائيل إلى تصعيد غير محسوب، بل يرغب في امتصاص الصدمات المتتابعة ضد قواته في سوريا، ومن ثم تنفيذ رد عسكري متعدد الأذرع وطويل النفس، يتضمن تحريك قوات برية في الجولان بالتزامن مع تنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف شرق أوسطية، وضربات صاروخية تهدف إلى إثارة الذعر في تل أبيب، وبعض العواصم العربية، وذلك بالتزامن مع تكثيف شحنات الأسلحة لكل من دمشق و”حزب الله”، وإطلاق طائرات مسيرة آلياً إلى العمق الإسرائيلي لتوجيه ضربات محدودة الضرر، لكنها تحظى بتغطية إعلامية كبيرة ترفع عن طهران حرج عدم الرد على مواجهة لا ترغب في الانجرار إليها.
في هذه الأثناء تعول طهران على نجاح وساطة هادئة تقوم بها موسكو للتهدئة من جهة، وعلى تنامي رغبة ترامب في تنفيذ انسحاب متعجل وإحلال قوات عربية مكان القوات الأمريكية، بحيث تصبح لدى طهران اليد العليا في مواجهة قوات هجينة لا تملك القدرة ولا الشجاعة على مواجهة الميلشيات التابعة لها في سوريا والعراق.