هآرتس"، 14/4/2022
العرب الذين يخدمون في حرس الحدود يبيعون أرواحهم
جدعون ليفي - محلل سياسي
العرب في إسرائيل الذين يخدمون في المناطق، في الشرطة وحرس الحدود، أو في الجيش، يبيعون أرواحهم لشيطان الاحتلال. هم أسوأ من المتعاونين الفلسطينيين. فهؤلاء لا خيار أمامهم سوى الخضوع لابتزاز الشاباك المهين لإنقاذ قريب من عائلتهم، أو لإخفاء سرّ رهيب.
العرب الذين ينضمون إلى الخدمة في المناطق يختارون القيام بذلك، من دون أن يمارَس عليهم أي ضغط. هم يبيعون أرواحهم لأنهم يصبحون جزءاً من الاحتلال الذي لا يوجد فيه شيء أخلاقي، أو قانوني، أو شرعي؛ وهم يتحولون إلى جزء من آلية تنكيل سادية لدولتهم ضد أبناء شعبهم وأخوتهم، وأحياناً أفراد عائلتهم. ومن أجل إثبات إخلاصهم، يتحولون إلى الجزء الأكثر شراسة في آلية التنكيل. اسألوا أي فلسطيني، يخبركم عن الدروز، وعن الآخرين الذين يتحدثون بالعربية في حرس الحدود. هم أحياناً الأسوأ، ولكن ليسوا كلهم.
تخيلوا غزواً روسياً لإسرائيل. تخيلوا جنوداً يهوداً كرأس حربة روسية. كيف كنا سنفكر في أخوتنا الخونة؟ تخيلوا دروزاً يضطهدون السكان الدروز في هضبة الجولان المحتلة؟ هل يوجد درزي واحد يمكن أن يوافق على ذلك؟ بالنسبة إلى أغلبية العرب في إسرائيل، بمن فيهم الدروز، الخدمة في المناطق [المحتلة] هي خدمة ضد أبناء شعبهم؛ لذلك هي خيانة. المطلوب بنية شخصية مشوّهه للموافقة على الخدمة في المناطق، وبنية شخصية لا تقل تشوّهاً لفهم ذلك.
الخدمة في المناطق تهدف في الأساس إلى هدفين: الدفاع عن المشروع الاستيطاني، والمحافظة على التفوق اليهودي في أرض إسرائيل. وما علاقة العرب في إسرائيل بكل هذا؟ هناك يهود شجعان ليسوا مستعدين للخدمة في المناطق ويُدعون إلى ذلك، على الرغم من أن اليهودي يمكن أن يجد لنفسه عدة مبررات للخدمة في المناطق. هذا ما كتبه أوري مسغاف في 29 سيفان [نيسان] 5741 [2014 ميلادية] (هو يحرص مؤخراً على استخدام التقويم العبري): "أعتقد أنه حان زمن الرفض، المنهجي، الجماهيري، العلني. كل الأساليب الأُخرى استنفدت نفسها - بعد 47 عاماً، لا توجد طريقة أُخرى لوقف الاحتلال..."
... من الصعب الاعتقاد أن مسغاف لا يزال يفكر في هذه الطريقة، أو يكتب مثل هذا الكلام. لقد كانت هذه هي الحال قبل التوصل إلى الاستنتاج بأن تكون يسارياً لم يعد على الموضة، وكما تعلمون، الموضة تتغير، ويجب أن تكون مطّلعاً على المستجدات دائماً. أن تكون يسارياً صهيونياً، أي يمينياً قومياً مقنّعاً هو أكثر جاذبية في تل أبيب.
من الممكن، ويجب مناقشة الرفض اليهودي للخدمة العسكرية في المناطق. لكن لا يمكن مناقشة الرفض العربي: فهو مفهوم من تلقاء نفسه. عربي يرتدي الزي العسكري في البلدة القديمة في القدس، ويضطهد سكانها، ويدافع عن المستوطنين الغزاة، ويركض وراء الأولاد، ويطلق النار على ظهورهم، أو يقتل نساء مسنّات لأنهن يحملن سكيناً، يجب أن يخجل من عمله على المستوى الشخصي والوطني: فهؤلاء أخوة له.
لكن القمة في الوقاحة سجلتها المنظومة السياسية ووسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، من خلال الخطابات المتغطرسة ضد أيمن عودة. لقد قال عودة أمراً بديهياً بالنسبة إلى كل عربي في إسرائيل مخلص لشعبه. وإذا وضعنا جانباً المناورة السياسية التي ربما تقف وراء تصريحاته، يمكن التقدير أنه حتى أحمد الطيبي، الذي كانت خطوة عودة موجهة ضده، كان سيوافق من كل قلبه على كلامه. هل هناك مَن يعتقد حقاً أنه يوجد زعيم عربي جدي يريد أن يرى ابنه يقف على الحواجز التي تهين أبناء شعبه؟ أو أن يرى أخوته يقتحمون غرف الأطفال في الليل مع كلاب بوليسية، فقط من أجل بثّ الذعر؟ وأن يلاحق أولاداً صغاراً ويكبّلهم عدة ساعات؟ هذه إهانة لليهودي وإهانة أكبر للعربي.
يمكن أن تكون مخلصاً للدولة من دون أن تكون مخلصاً للاحتلال. وينطبق هذا على اليهود وأضعاف الأضعاف على العرب. مَن لا يفهم ذلك ويجرؤ على إلقاء المواعظ عليهم، فقد خسر ضميره بصورة نهائية.