Sunday, April 17, 2022

العرب الذين يخدمون في حرس الحدود يبيعون أرواحهم

العرب الذين يخدمون في حرس الحدود يبيعون أرواحهم

 هآرتس"، 14/4/2022

العرب الذين يخدمون في حرس الحدود يبيعون أرواحهم




 

جدعون ليفي - محلل سياسي
العرب في إسرائيل الذين يخدمون في المناطق، في الشرطة وحرس الحدود، أو في الجيش، يبيعون أرواحهم لشيطان الاحتلال. هم أسوأ من المتعاونين الفلسطينيين. فهؤلاء لا خيار أمامهم سوى الخضوع لابتزاز الشاباك المهين لإنقاذ قريب من عائلتهم، أو لإخفاء سرّ رهيب.
العرب الذين ينضمون إلى الخدمة في المناطق يختارون القيام بذلك، من دون أن يمارَس عليهم أي ضغط. هم يبيعون أرواحهم لأنهم يصبحون جزءاً من الاحتلال الذي لا يوجد فيه شيء أخلاقي، أو قانوني، أو شرعي؛ وهم يتحولون إلى جزء من آلية تنكيل سادية لدولتهم ضد أبناء شعبهم وأخوتهم، وأحياناً أفراد عائلتهم. ومن أجل إثبات إخلاصهم، يتحولون إلى الجزء الأكثر شراسة في آلية التنكيل. اسألوا أي فلسطيني، يخبركم عن الدروز، وعن الآخرين الذين يتحدثون بالعربية في حرس الحدود. هم أحياناً الأسوأ، ولكن ليسوا كلهم.
تخيلوا غزواً روسياً لإسرائيل. تخيلوا جنوداً يهوداً كرأس حربة روسية. كيف كنا سنفكر في أخوتنا الخونة؟ تخيلوا دروزاً يضطهدون السكان الدروز في هضبة الجولان المحتلة؟ هل يوجد درزي واحد يمكن أن يوافق على ذلك؟ بالنسبة إلى أغلبية العرب في إسرائيل، بمن فيهم الدروز، الخدمة في المناطق [المحتلة] هي خدمة ضد أبناء شعبهم؛ لذلك هي خيانة. المطلوب بنية شخصية مشوّهه للموافقة على الخدمة في المناطق، وبنية شخصية لا تقل تشوّهاً لفهم ذلك.
الخدمة في المناطق تهدف في الأساس إلى هدفين: الدفاع عن المشروع الاستيطاني، والمحافظة على التفوق اليهودي في أرض إسرائيل. وما علاقة العرب في إسرائيل بكل هذا؟ هناك يهود شجعان ليسوا مستعدين للخدمة في المناطق ويُدعون إلى ذلك، على الرغم من أن اليهودي يمكن أن يجد لنفسه عدة مبررات للخدمة في المناطق. هذا ما كتبه أوري مسغاف في 29 سيفان [نيسان] 5741 [2014 ميلادية] (هو يحرص مؤخراً على استخدام التقويم العبري): "أعتقد أنه حان زمن الرفض، المنهجي، الجماهيري، العلني. كل الأساليب الأُخرى استنفدت نفسها - بعد 47 عاماً، لا توجد طريقة أُخرى لوقف الاحتلال..."
... من الصعب الاعتقاد أن مسغاف لا يزال يفكر في هذه الطريقة، أو يكتب مثل هذا الكلام. لقد كانت هذه هي الحال قبل التوصل إلى الاستنتاج بأن تكون يسارياً لم يعد على الموضة، وكما تعلمون، الموضة تتغير، ويجب أن تكون مطّلعاً على المستجدات دائماً. أن تكون يسارياً صهيونياً، أي يمينياً قومياً مقنّعاً هو أكثر جاذبية في تل أبيب.
من الممكن، ويجب مناقشة الرفض اليهودي للخدمة العسكرية في المناطق. لكن لا يمكن مناقشة الرفض العربي: فهو مفهوم من تلقاء نفسه. عربي يرتدي الزي العسكري في البلدة القديمة في القدس، ويضطهد سكانها، ويدافع عن المستوطنين الغزاة، ويركض وراء الأولاد، ويطلق النار على ظهورهم، أو يقتل نساء مسنّات لأنهن يحملن سكيناً، يجب أن يخجل من عمله على المستوى الشخصي والوطني: فهؤلاء أخوة له.
لكن القمة في الوقاحة سجلتها المنظومة السياسية ووسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، من خلال الخطابات المتغطرسة ضد أيمن عودة. لقد قال عودة أمراً بديهياً بالنسبة إلى كل عربي في إسرائيل مخلص لشعبه. وإذا وضعنا جانباً المناورة السياسية التي ربما تقف وراء تصريحاته، يمكن التقدير أنه حتى أحمد الطيبي، الذي كانت خطوة عودة موجهة ضده، كان سيوافق من كل قلبه على كلامه. هل هناك مَن يعتقد حقاً أنه يوجد زعيم عربي جدي يريد أن يرى ابنه يقف على الحواجز التي تهين أبناء شعبه؟ أو أن يرى أخوته يقتحمون غرف الأطفال في الليل مع كلاب بوليسية، فقط من أجل بثّ الذعر؟ وأن يلاحق أولاداً صغاراً ويكبّلهم عدة ساعات؟ هذه إهانة لليهودي وإهانة أكبر للعربي.
يمكن أن تكون مخلصاً للدولة من دون أن تكون مخلصاً للاحتلال. وينطبق هذا على اليهود وأضعاف الأضعاف على العرب. مَن لا يفهم ذلك ويجرؤ على إلقاء المواعظ عليهم، فقد خسر ضميره بصورة نهائية.

Saturday, March 19, 2022

إسرائيل هي قبل كل شيء

إسرائيل هي قبل كل شيء

 "هآرتس"، 17/3/2022


إسرائيل هي قبل كل شيء

 

جدعون ليفي - محلل سياسي
    • لو فتحت إسرائيل أبوابها أمام اللاجئين مثلما فعلت أغلبية دول أوروبا لما كانت إسرائيل. لو بذلت كل ما في وسعها لاستيعاب لاجئين غير يهود، بإنسانية ومن دون تحفظات، كما يفعل معظم الدول الأوروبية، حالياً، لكانت وقفت ضد الـ DNA الخاص بها. لذا، لا فائدة من رمي التهمة على هذا الطرف أو ذاك، أيلييت شاكيد، أو نفتالي بينت - كل الحكومة تتصرف بهذا الشكل. هذه طبيعة موروثة في جيناتنا. كراهية الأغراب والتعالي على سائر الشعوب نرضعه مع حليب أمهاتنا. لذا، لا تتوقعوا أن تتصرف إسرائيل بطريقة مختلفة حيال حرب ليست حربها. ولذلك، لا يمكن أن نتوقع أن تتصرف إسرائيل بإنسانية من دون أن تكون انتقائية. دولة تتصرف بهذه الطريقة ليست دولة إسرائيل.
    • ما يحدث الآن في إسرائيل هو نتيجة أعوام من التلقين العقائدي. اسم اللعبة الأنانية. كل شيء يُقاس فقط إذا كان جيداً لإسرائيل، ولا يوجد اعتبار آخر. ومثل هذه الأسطوانة لا يمكن تغييرها بسبب حرب واحدة في أوكرانيا. الدولة التي أحاطت نفسها بأسوار مادية كما لم تفعل أي دولة أُخرى، وبأسوار قومية ودينية، لا تستطيع فتح أبوابها بين ليلة وضحاها. الأسوار المخيفة التي شيدناها حولنا لم تكن كلها أسواراً أمنية، جزء منها كان أسواراً ضد الرأفة، مثل الأسلاك الشائكة الكثيفة على الحدود مع مصر، وجزء منها كان أسواراً ضد الاختلاط. والجدار الطيب والجدار السيئ كان لهما أيضاً دور في الدفاع ضد التهديد الديموغرافي. هذه الأسوار لا يمكن تفكيكها الآن.
    • العبارة الأساسية للإسرائيليين هي: لا يمكن المقارنة. لا يمكن مقارنة إسرائيل مع أي دولة أُخرى. وهذا الإعفاء الرهيب الذي فرضناه على أنفسنا، أعفانا من الإنسانية والرحمة، ومن التعاطف، ومن التماهي مع المجتمع الدولي والانصياع له. إسرائيل هي شيء آخر. كل العالم قادر، ومُجبر على استيعاب اللاجئين، فقط إسرائيل غير مُجبرة، لماذا؟ لأن لا مجال للمقارنة، ولأنها حالة خاصة. الكلمات الأساسية: المحرقة؛ الشعب المختار؛ خطر الإبادة. الله بذاته قال لنا إننا الشعب المختار. أي طفل في صف الروضة يستطيع أن يقول لكم ذلك. فماذا تتوقعون؟
    • عندما نعلّم الأجيال على الغطرسة، لا يمكننا سوى أن نغلق الأبواب في وجه اللاجئين. وعندما نتلو الأناشيد التي تتحدث عن فرادة الشعب اليهودي بين كل الشعوب طوال أعوام، وعن تفوّقه الأخلاقي السامي، لا يمكن أن نتعامل مع لاجىء يهودي أو غير يهودي على قدم المساواة. الانتقائية في دمنا. التعالي في دمنا. أبناء الشعب المختار يستطيعون فقط استيعاب أبناء الشعب المختار. غريب ألّا يفهم الجميع ذلك.
    • صحيح أن هناك مشاعر تعاطُف ومساعدة ورأفة في إسرائيل أيضاً. لكن هذا دائماً من عمل أفراد وجمعيات ومنظمات. وهؤلاء بصورة عامة ظلوا في مجالات مريحة: جمع ملابس لا نحتاج إليها، وتقديم ألعاب، وحتى إنشاء مستشفى ميداني مع كثير من الضوضاء والعلاقات العامة على الحدود مع غزة، بعد أن قتلنا هناك مئات الأولاد.
    • تواصل الدولة المحافظة على عدم تلوث الدم المقدس. وإسرائيليون قلائل جداً يرضون بالسير ضد التيار، والمخاطرة، ودفع ثمن شخصي لتغيير ذلك. المبررات موجودة دائماً: الفلسطينيون يريدون تدميرنا، وأوكرانيا ليست دولة على حدودنا، وسورية التي تنزف هي دولة على حدودنا، لكنها دولة معادية، فماذا تتوقعون. السودانيون خطر ديموغرافي، الأوكرانيون يهددون بأن يصبحوا كذلك. وراء هذا كله، تختبىء الافتراضات الأساسية للصهيونية: نحن شعب يعيش بمفرده، وبعد المحرقة النازية، مسموح لنا كل شيء، ومن غير المسموح لأحد أن يعظنا، إسرائيل فوق الجميع، الدولة اليهودية قبل كل شيء.

 

Friday, June 30, 2017

ما سبب غضب يهود الولايات المتحدة على إسرائيل؟

ما سبب غضب يهود الولايات المتحدة على إسرائيل؟
هآرتس"، 29/6/2017
ما سبب غضب يهود الولايات المتحدة على إسرائيل؟
نتيجة بحث الصور عن جدعون ليفي - محلل سياسي
جدعون ليفي - محلل سياسي
•يهود أميركا مجروحون ويشعرون بالغضب. يقولون إن وحدة الشعب في خطر، والرؤيا الصهيونية كلها قد تنهار. ومن خلال برقيات ليلية عاجلة أعطيت توجيهات إلى قناصل إسرائيل في أميركا للاستعداد لمواجهة الاحتجاج المتصاعد، والتصرف حيالها "بطريقة مهذبة". هكذا احتجاج وغضب من جانب يهود أميركا ضد إسرائيل لم يسجلا قط من قبل. 
•ما الذي يثير غضب يهود أميركا على إسرائيل، قرة عينهم وموضع تباهيهم حتى الآن؟ هل هو على القوانين المثيرة للخجل والمعادية للديمقراطية التي شرعتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، والتي تطرح الشك في ديمقراطيتها؟ هل هو على مطاردة السحرة الجارية ضد الجمعيات اليسارية؟ هل هو على علاقة إسرائيل المشينة مع طالبي اللجوء من أفريقيا؟ وهل هو على تحولها إلى قوة عظمى تبيع سلاحاً لأي نظام كان؟ هل هو على منع الكهرباء عن مليوني شخص يعيشون في سجن منذ 10 سنوات؟ هل هو على مذبحة المدنيين في عملية "الجرف الصامد"؟ ومذبحة المدنيين في "الرصاص المسبوك"؟ وهل السبب قتل صبية السكاكين؟ أو مرور 50 عاماً على الاحتلال؟
•ليس هناك أي واحد من كل هذه الأمور أثار أبداً غضباً حقيقياً وسط يهود أميركا. لقد أعجبوا بإسرائيل بصورة عمياء، حتى عندما أقدمت على فعل هذا كله. وتبرعوا لها بسخاء حتى بعد معرفتهم بحدوث هذه الأمور. وأرسلوا أولادهم إلى هنا للتجول في المستوطنات ومعسكرات الجيش مصحوبين بحراس مسلحين ببنادق من أجل غسل أدمغتهم، وتجاهلوا الاحتلال.
•أخيراً هم غاضبون. وما هو السبب؟ السبب موضوعات مصيرية: ترتيبات الصلاة أمام حائط المبكى التي يجب أن تبقى صارمة [قرار الحكومة رفض تخصيص قاعة ثانية في ساحة حائط المبكى حيث يستطيع المصلون تأدية الصلاة وفق تقاليد التيارات اليهودية غير الأرثوذكسية]، وهم غاضبون بسبب عملية التهويد في إسرائيل التي يجب أن تبقى كما هي، خاضعة للتيار الأرثوذكسي. هذه مسائل مهمة لا يمكن التقليل من أهميتها، ولكن بعد أن سامحوا إسرائيل على كل شيء، هم غاضبون بسبب ذلك. 
•هم يعتبرون ليبراليين ومتنورين، هؤلاء الإصلاحوين والمحافظون، وهم يشكلون أغلبية اليهود في الولايات المتحدة. إنهم ليبراليون في نظر أنفسهم، ومؤيدون لإيباك، ويحاربون بشراسة أي شخص ذي ضمير حر يحاول انتقاد إسرائيل، ليبراليون يكمون أفواه أشباههم. هم ليسوا الأقلية الأرثوذكسية الظلامية، فهم يصلون رجالاً ونساء معاً، ويقودون سياراتهم إلى الكنيس في يوم عيد الغفران، وهذا بالطبع حقهم الكامل.
•لكن هؤلاء الليبراليين الذين أيدوا باراك أوباما ويحتقرون دونالد ترامب، وجزء من أهاليهم ناضل جنباً إلى جنب مع المناضلين من أجل حقوق السود في أميركا، يسامحون إسرائيل على كل شيء. ويسكتون عنها وسكوتهم مدوّ ومشين.
•حالياً، يخوض هؤلاء معركة شرسة وغاضبة دفاعاً عن حقوق نساء حائط المبكى. فهل فقط عندما تمسهم المسألة شخصياً يستيقظ تنوّرهم؟ وهل هم ليبراليون فقط عندما يتعلق الأمر بشعائرهم الدينية؟ هل ناضلوا يوماً دفاعاً عن حقوق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية في المسجد الأقصى؟ أو دفاعاً عن حقوقهم في الوصول إلى هناك؟ لكن عندما يتعلق الأمر بحائط المبكى فجأة أصبحوا ليبراليين. لا بل تجرؤوا على القيام بما لم يجرؤوا على القيام به من قبل: انتقاد إسرائيل بصوت عال. وقد هددوا أيضاً باستخدام سلاح يوم الدينونة: التوقف عن محاربة حركة الـBDS .
•لا توجد علاقة بين النضال من أجل حرية ممارسة شعائر العبادة بالقرب من حائط من حجر يقع في أرض محتلة ودُمرت بسببه منازل المئات قبل 50 عاماً، وبين الليبرالية والحرية. يجب التوقف عن الكلام الكبير كما يجب التوقف عن إثارة هذه الاضطرابات باسم الحرية، بينما هم يؤيدون مباشرة أو غير مباشرة، أحد أكثر المشاريع قمعاً للحرية في العالم، ويشكل هذا قمة الانتهازية. لقد صفق يهود أميركا لإسرائيل على كل شيء. ووجهوا لها التحية تلقائياً حتى عندما فعلت أشياء أخطر بكثير من منع نساء يرتدين أوشحة ملونة من الصلاة إلى جانب الرجال.

•لا يحق ليهود أميركا الوقوف ضد إسرائيل الآن فقط باسم ضمائرهم. اتركوهم يذهبون إلى حائط المبكى ويصلون نساء ورجالاً أو كلاً على انفراد، فمن أجل إسرائيل أكثر عدالة، هي بحاجة إلى صلواتهم أكثر مما هي بحاجة إلى وعظهم الكاذب.